العرفان ) [1] . ولذا قال في ( الجواهر ) في ردّه قول الحلبي ببعض ما مرّ من العبائر : ( فصحّ تفرّده به ، وإنّ الإجماع قد سبقه ولحقه ) [2] . انتهى . وهو قويٌّ متينٌ بناءً على إطلاق الإجماع على ما كشف عن الدليل ، الذي هو قول المعصوم الجليل ، وإنْ لم يكن بالمعنى الحقيقي المصطلح عليه بين جميع الأُصوليّين فإنّ المقرّر في فنّه : إنّ هذا الاتّفاق كالمصطلح عليه في الحجّيّة ، وإنْ خرج عنه بحسب الموضوعيّة ، قصاراه التجوّز في إطلاق الإجماعيّة ، ولا ضير فيه مع قيام القرينة القويّة . بل صرح كثيرٌ بأنّ الإجماع عند الإماميّة هو هذا المعنى ، وأمّا اتّفاق الكلِّ فهو اصطلاح العامّة العميّة ، فإنّ مدار الحجيّة ومنار الحقيّة عند الإماميّة العدليّة ليس إلَّا الكشف عن قول الحجّة ، أو فعله ، أو تقريره ، التي بكلٍّ منها تتّضح المحجّة ، فلا يجدي كثرة القائلين مع عدم الاستناد إلى دليلٍ مبينٍ ، والبناء على أصلٍ متينٍ ، والرجوع إلى ركنٍ مكينٍ ، بل يتحقّق في المسألة التي يتحقّق فيها الخلاف حال تحقّق ذلك الانكشاف بالدلالة المطابقيّة ، أو التضمنيّة ، أو الالتزاميّة ، عقليّة أو عاديّة . فإنْ قيل : هذا ينافي ما قرّرتموه من منع الإجماع في موضع النزاع . قلنا : هذا ليس على إطلاقه ، بل هو مقيّد بما إذا كان الجانب المخالف قويّاً لقوّة دليله ، ووضوح سبيله ، وكثرة القائلين المعتبرين به . أمّا إذا لم يكن كذلك كما نحن فيه فلا فإنّ مجرّد خلاف الواحد والاثنين والثلاثة لا يقدح في تحقّق الإجماع ، سيّما إذا كانوا معروفي النسب والمستند ، كما لا يخفى على ذي اطَّلاع . والحكم بتحقّقه في مسألة خاصّة لا يستلزم تحقّقه مطلقاً ، وبالعكس لدورانه في الحجيّة مدار الكشف وجوداً وعدماً ، لا مدار الكثرة والاتّساع . ولنعم ما قاله سيّد المحقّقين وسند المدقّقين بحر العلوم السيّد المهدي الطباطبائي