الركوع والسجود ، فلمّا سلَّم ناداه المهاجرون والأنصار : يا معاوية ! سرقتَ من الصلاة ، أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير عند الركوع والسجود ؟ ثمّ إنّه أعاد الصلاة مع التسمية والتكبير ) . ثمّ قال : ( قال الشافعي : إنّ معاوية كان سلطاناً ، عظيم القوّة ، شديد الشوكة ، فلولا أنّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرّر عند كلّ الصحابة من المهاجرين والأنصار ، وإلَّا لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية ) [1] . انتهى . ولا يخفى ما فيه من الدلالة القويّة ، وحينئذ فيصدق على منكره بالكلَّيّة قول ربّ البريّة : * ( ومَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وساءَتْ مَصِيراً ) * [2] * ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) * [3] . فإن قيل : إنّ إقامة الشعار تتحقّق بالجهر بها في مواضع الإجهار . قلنا : لا يخفى على نبيه نبيل ، بل على مَنْ له أدنى تحصيل ، أنّ إقامة ذلك الشعار إنّما يتحقّق بالجهر بها في مواضع الإسرار ، إذ الجهر بها هناك ليس لحيثيّة الشعار ، وإنّما وقع تبعاً لما لا بدّ فيه من الإجهار ، وإلَّا لخرج الشعار عن كونه شعاراً بجهر المخالف الذي يراها آيةً من الفاتحة في المواضع الجهريّة ، كما لا يخفى على ذي رويّة . نعم ، مقتضى الحكاية عن الشافعيّة من الجهر بها حتى في المواضع الإخفاتيّة ينافي تحقّق المخالفة أيضاً بالجهر في المواضع السريّة ، بل ينافي أيضاً ما دلّ من الآثار على أنّ الجهر بها من علامات الإيمان ولو كاملًا والشعار . إلَّا أنْ يقال : لمّا كان السواد الأغلب من العامّة العميّة والجمّ الغفير من الفرقة الغويّة ، على تحريم الجهر بها مطلقاً حتى من القائلين فيها بالجزئيّة ، وكان مَنْ يجهر بها قليلًا من كثير ، بل كنقطةٍ من غدير ، وردت هذه الأخبار على مقتضى ما دان به في