احتمل أنْ يكون جميع المذكور في الباب من كلام والده المبرور ، فهو نورٌ على نور . وأمّا السيّد المرتضى رحمه الله ، فلم يتعرّض لقراءة المأموم في انتصاره ولا ناصريّاته ، وإنّما اقتصر فيهما على الوجوب التخييري في الأخيرتين بين القراءة والتسبيح ، ولعلَّه أراد ما يشمل المأموم ، فلعلّ ما في ( مجمع الأحكام ) مستند إلى ذلك الإطلاق والعموم ، ولكن قال في ( المختلف ) ما لفظه : ( وقال السيّد المرتضى : لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الأُوليين في جميع الصلاة من ذوات الجهر والإخفات ، إلَّا أن يكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام ، فيقرأ كلّ واحدٍ لنفسه . وهذه أشهر الروايات ، وروى أنّه لا يقرأ في ما جهر فيه الإمام ، وتلزمه القراءة في ما يخافت فيه الإمام ، وروى : أنّه بالخيار في ما خافت فيه ، فأمّا الأخيرتان فالأوْلى أن يقرأ المأموم ، أو يسبّح فيهما . وروى : ليس عليه ذلك ) [1] . انتهى . ولا يخفى أنّ تعبيره بالأولويّة غير صريحٍ في الوجوب إنْ لم يكن صريحاً في عدمه ، فلا يوافق ما نقله أوّل الشهيدين [2] عنه من استحباب قراءة الفاتحة ، ولا ما نقله عنه في ( مجمع الأحكام ) من وجوب إحداهما تخييراً إلَّا بالتصرّف في لفظ الأُولى . وظاهره أيضاً عدم الفرق بين أخيرتي الجهريّة والإخفاتيّة . وأما الشيخ قدس سره فعبارته التي نقلناها عنه سابقاً من ( التهذيب ) [3] إنّما تدلّ على حرمة القراءة مطلقاً ، إلَّا في الصلاة التي لا يسمع فيها ولا همهمة ، وإنّ الواجب على المأموم التسبيح أو التهليل . نعم ، عبارته في ( النهاية ) صريحة في استحباب قراءة الفاتحة في الإخفاتيّة مطلقاً ، قال رحمه الله : ( وإذا تقدّم مَنْ هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنَّ خلفه سواء كانت الصلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة أو ممّا لا يجهر ، بل تسبّح مع نفسك ، وتحمد الله تعالى وإنْ كانت الصلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة فأنصت للقراءة ، فإنْ خفي عنك قراءة الإمام قرأت لنفسك ، وإنْ سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام جاز لك إلَّا تقرأ ، وأنت مخيّرٌ في