وذلك كلُّه ممّا قامت عليه البراهين العقليَّة ونطقت به الأدلَّة النقليَّة من الآيات القرآنيّة والسنَّة المعصوميّة ، قال الله تعالى : * ( يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) * [1] . وقال سبحانه : * ( إِنَّما يَخْشَى الله مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) * [2] . وقال جلّ شأنه : * ( ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * [3] ، حيث فُسِّرت الحكمةُ بالعلم أو ما يرجع إليه . إلى غير ذلك من الآيات . وروى ثقة الإسلام في ( الكافي ) بسنده إلى عبد الله بن ميمون القدَّاح ، بطريقين معتبرين ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مَنْ سلك طريقاً يطلبُ فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجَنَّة ، وإنّ الملائكةَ لتضعُ أجنحَتَها لطالبِ العلمِ رضاً به ، وإنّه يَستغفرُ لطالب العلم مَنْ في السماءِ ومَنْ في الأرضِ حتَّى الحوتُ في البحر . وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجُوم ليلة البدر ، وإنَّ العُلماءَ ورثةُ الأنبياء ، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورَّثوا العلم فَمَنْ أخذ منه أخذ بحظَّ وافرٍ » [4] . انتهى . ومعنى أنَّهم : « لم يورّثوا ديناراً ولا دِرْهماً » أنَّهم عليهم السلام لحقارة الدنيا عندهم وإعراضهم عنها لا يعدُّون حطامها ميراثاً ولا يهتمون به ، أو أنَّهم لم يجعلوا عُمدة ما يحصِّلونه في دنياهم وينتفع الناس به منهم في حياتهم وبعد وفاتهم الدينارَ والدرهمَ . وحينئذ فلا ينافي أنْ يرثَ وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال ، فلا وجه لطعن بعض العُلماء فيه بموافقيّة الحديث المفترع والكذب المخترع على النبيّ صلى الله عليه وآله من قوله : « نحنُ معاشرَ الأنبياءِ لانورِّث » [5] . ويحتمل أنْ يقال : إنَّ وارثهم من حيث النبوّة الروحانية المختصّة بهم العلماءُ لأنَّ المتعلِّم ابنٌ روحاني لمعلِّمه ، ولهذا قيل : مَنْ عَلَّمَ العِلْمَ كان خيرَ أبٍ * ذاك أبو الروح لا أبو الجسد