سمعه أقرب لفم المتكلَّم من أُذن نفسه لاندراجه حينئذ في الإسرار والإخفات ، والله العالم . الثالث من وجوه التقريب : صحيح عبد الله بن سنان [1] ، المرويّ في ( الكافي ) و ( تفسير العيّاشي ) ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام ، هل عليه أن يُسمع مَنْ خلفه وإن كثروا ؟ قال عليه السلام : « ليقرأ قراءة وسطاً إنّ الله يقول : * ( ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بِها ) * [2] » [3] الحديث . والتقريب : أنّ المتبادر من قوله عليه السلام : « قراءة وسطاً » الجهر الوسط في القراءة لأنّه في مقام البيان ، مع أنّ السؤال عن غاية الجهر ، وحدّ إسماع الإمام من خلفه . وفيه : أنَّ أمر الإمام بالقراءة بالجهر الوسط في الصلاة الجهريّة لا يقتضي انحصار الوسطيّة فيه دون الإخفات الذي هو مناط الاستدلال والإثبات . الرابع : استدلال قدماء الأصحاب كالصدوق [4] وأضرابه بل متأخّريهم أيضاً [5] بهذه الآية على القراءة بالجهر الوسط . وفيه : أنَّ محلّ النزاع إنّما هو انحصار الوسط في الجهر دون الإخفات ليتوجّه الأمر إليه أوّلا وبالذات . والاستدلال إنّما هو على انحصار الأمر بالقراءة في الوسط من الجهر والإخفات . هذا وقد أُيِّدت أيضاً أصالة الجهر بأُمورٍ : الأوّل : الأخبار الواردة بأنّ الصلاة تحميد ودعاء وتسبيح وتكبير وثناء ، فالجهر حينئذ أوْلى من الإخفات ، كما صرّح به بعض الثقات ، قائلًا : ( إنَّه صريح بعض أخبار الهداة ) . وفيه : أوّلًا : أنَّ قصاراه كون الصلاة من الذكر للملك العلَّام ، وهو لا يقتضي المشاركة في جميع الأحكام . وثانياً : أنَّ ما ادّعي صراحته معارض بظاهر قوله تعالى : * ( واذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً