على البيان من المكلِّف اللَّطيف ، والفرضُ عدمُه في المقام . مع أنّ التّكرار قد ينافي الاحتياط ، والله العالمُ بحقائق الأحكام . خروج الولد والأُمّ ميّتة وأمّا قوله ، سلَّمه الله تعالى - : ( ومع خروجه ، والأُمّ ميّتة ) . . إلى آخره . فالجواب ومنه سبحانه إزالة حجاب الارتياب - : أنّ هذه المسألة كسابقتها في عدم التعرّض لها بالخصوص في كلام الأصحاب ، إلَّا إنّ مقتضى ظواهر الأدلَّة وكلام علمائنا الأطياب ، عدمُ جريان أحكام النفاس في هذا الباب لظهورها في إناطة أحكامه بالحياة دون الممات بلا ارتياب ، حتى لو قيل بوجوب الأغسال لنفسها بمجرّد وجود الأسباب . ولا يردُ أنّ مقتضى سببيّة الولادة للنفاس عدمُ الاختصاص بحال الحياة لأنّ القدر المتيقّن هو السببيّة المقيّدة بحالها ، لا على وجهٍ يشملُ الممات ، فتسلمُ أصالة البراءة والعدم عن معارضٍ يدلّ على المساواة ، وعلى مدّعي الدليل الإثبات . وقصارى ما يمكن الاستدلال به ما ورد في قصّة الجارية الأنصاريّة مع بهلول نبّاش القبور ، حيث إنّه بعد أنْ غلبته نفسه الأمّارة على مجامعتها بعد أخذه كفنها ، إذا بصوتٍ من ورائه يقول له : ويلٌ لك من ديّان يوم الدّين إلى أنْ قالت - : وتركتني أقومُ جنبة إلى حسابي ، فويلٌ لشبابك من النّار [1] . ولا حجّة فيه ، فالاستدلال به وهنٌ على وهنٍ ، كما لا يخفى على نبيه . وأمّا ما صرّحوا به من وجوب غُسل الجنابة بوطء الميتة [2] متمّماً كسابقه بعدم القول بالفصل بين الأغسال الواجبة إنْ تمّ فمرادُهم منه أنّه مقتضٍ للوجوب ، أو سببٌ له ما لم يُفْقَدْ شرطٌ ، أو يَمْنع مانعٌ ، فلا يوجب الغُسل فعلًا على غير المكلَّف الواجد للشرائط ، الفاقد للموانع .