إسم الكتاب : الرسائل الأحمدية ( عدد الصفحات : 417)
وحينئذٍ ، فالقطرة المتّحدة إذا اتّصل عمودُها بالسماء كالقطرات المتعدّدة ، لكن مع مراعاة الصدق عرفاً ، لا مطلقاً . ولعل السيّد المذكور أراد هذا المعنى المزبور ، كما لعلَّه لهذا الوجه السديد جعلَ ثاني الشهيدين ذلك القول غير بعيد . وهذا الوجه وإنْ لم يكن بعيداً بل هو قريب من الاعتبار لكنّي لم أقِفْ على مَنْ تنبّه له ، أو نبّه عليه صريحاً من علمائنا الأبرار ، وإنْ لم يخرج عن مرادهم في مطاوي كلماتهم ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار . إلا إنّ الاحتياط الذي يُرجى به السلامة من الاختباط ، هو العمل على ما تقدّم من اعتبار الكثرة والجريان بالمعنى المعتبر عند علمائنا الأعيان . خلاصة القول إذا عرفت هذا . . فاعلم : أنّ المتقاطر من السماء حال نزول المطر إذا استوعب موضع النجاسة وأزال العين طاهرٌ مطهّرٌ ، بلا خلافٍ ولا إشكال . أمّا على القول المشهور من عدم اشتراط الجريان فظاهرٌ . وأمّا على قول الشيخ رحمه الله فالظاهر أنّه لا يناط التطهير به هنا لما نقل عنه [1] من التصريح بالاكتفاء في تطهير الأرض بالماء القليل . فينحصر الخلافُ في ابن حمزة وابن سعيد إنْ لم يُحمَل كلامهما على إرادة الورود والوقوع على المحلّ النجس ، لا خصوص جريان المطر وسيلانه من مكانٍ إلى آخر ، كما هو غير بعيد . كما انّ احتمال تخصيص كلام الشيخ رحمه الله بخصوص الماء القليل من غير ماء المطر غيرُ سديد .
[1] الخلاف 1 : 494 / مسألة 235 ، عنه في مدارك الأحكام 2 : 377 .