( وأسأله تسهيلَ ما يلزمُ حملُهُ وتعليمَ ما لا يسعُ جهلُهُ ) لكون ذلك مطلوباً عند الأُدباء محبوباً عند العرب العُرباء . والسؤال : طلب الأدنى من الأعلى ، كالدعاء في مقابلة الأمر والالتماس ، فإنَّ الأوّل طلبُ الأعلى من الأدنى ، والثاني طلب المساوي من مثله ، فإنْ كان متعلَّقه الاستكشاف ودفع الشبهة فالغالب فيه التعدية ب ( عن ) ، كقوله تعالى : * ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفالِ ) * [1] * ( ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) * [2] ، وقد يتعدّى بنفسه . وإن كان متعلَّقه الاستعطاء من المال ونحوه فالغالب فيه التعدية بنفسه ، كقوله تعالى : * ( وإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً ) * [3] . وقد يتعدّى ب ( من ) ، كقوله تعالى : * ( وسْئَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ ) * [4] ، وهو هنا من قبيل الثاني . مراتب العلم وفضله وأصل ( يَسَع : يوسع ) فحذفت الواو لكونه مكسور العين في الأصل ، وإنّما فُتحت لأجل حرف الحلق . والقاعدة في مثله حذفها ك ( يلد ، ويعد ) لوقوعها بين عدوَّين : فتحة وكسرة أصليّة لأنَّها إنَّما يناسبها الضمة لا الفتحة والكسرة ، ولهذا حملوا فتحة ( يؤجل ) على الأصالة حيث لم تحذف الواو كما تقرّر في محلَّه [5] . وأراد بالسعة عدم الجواز لتشاركهما في إفادة الحَجْر وعدم التجاوز تشبيهاً للضيق المعنوي بالضيق الحسّي . وأشار بذلك إلى العلم الشرعي الذي ورد فيه : إنَّ طلبه فريضة على كلِّ مسلم ومسلمة [6] وهو العلم المتعلِّق بمعرفة المعارف الخمس الإلهيّة الاعتقاديّة ، ومعرفة الأحكام الشرعيّة العمليّة ، فإنَّ لكلٍّ من هذين العلمين مرتبتين يصيران بأحدهما فرضَ كفايةٍ وبالأُخرى فرضَ عينٍ . فالأُولى للأوَّل المرتبة التي يقتدر بها على معرفة ذلك بالأدلَّة التفصيليّة ، ودفع
[1] الأنفال : 1 . [2] الإسراء : 85 . [3] الأحزاب : 53 . [4] النساء : 32 . [5] انظر الممتع الكبير في التصريف : 280 - 283 . [6] إشارة إلى ما ورد في المحاسن 1 : 353 / 745 ، الكافي 1 : 30 / 1 .