وإنَّما حُرِّكت الباء حذراً من الابتداء بالساكن لأنّه إمَّا متعذِّرٌ مطلقاً سواء كان لازماً لذاته كما في الألف ، أو لا كما في غيرها عند بعضٍ ، أو متعسّرٌ كذلك كما عند آخرين ، أو متعذِّرٌ في الأوّل فقط كما عن أكثر المحقّقين . وكيف كان ، فالفرار من الابتداء به لازم بلا إشكال لنصِّ القائلين بالإمكان على عدم وقوعه في اللغة العربيّة بحال . وحرّكت بالكسر دون غيره لتكون حركتها من جنس ما تحدثه لاختصاصها بلزوم الجرّ والحرفيّة ، ولم يلتزموه في الكاف لعدم ملازمتها الحرفية ، وأمَّا اللام فالقياس فيها كالباء ، وإنّما تفتح مع الضمير لمانع هو حصول الثقل بالانتقال من الكسر إلى غيره ، فأُوثر الفتح لخفَّته . على أنّه نُقل عن الفارسي [1] عدم امتناع الفتح والضم في الباء لحصول الغرض بهما . وعن بعض العرب [2] فتحها ، إلَّا إنّه نادر في القياس والاستعمال . الكلام على معنى الاسم واشتقاقه واسم مجرور بالباء لأنَّ الاستعانة بالاسم استعانة بالمُسمَّى على أبلغ وجهٍ ، ولأمره تعالى بالدعاء بأسمائه قال : * ( ولِلَّهِ الأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) * [3] . وقيل : إنَّه مقحم بين الباء ومجرورها وهو لفظ الجلالة على حدّ قول لَبِيد : إلى الحولِ ثمّ اسمُ السلامِ عليكُما * ومَنْ يَبكِ حولًا كاملًا فقد اعتذر [4] والإقحام وإنْ كان جائزاً بل واقعاً ، إلَّا إنَّه مع مخالفة الأصل لا داعي إليه مع استقامة المعنى بغيره الذي لا محذور فيه . وكأنّ الذي حداه على ذلك قصد الفرار من توهّم عينيّة الاسم للمسمّى ، كما جنح إليه أكثر الأشاعرة [5] ، إذ الحقّ عند الإماميّة والمعتزلة هو الغيريّة [6] كما دلَّت
[1] مجمع البيان 1 : 21 - 22 . [2] مجمع البيان 1 : 21 - 22 . [3] الأعراف : 180 . [4] مجمع البيان : 1 : 21 ، الجامع لأحكام القرآن 1 : 98 . [5] التفسير الكبير 1 : 95 ، شرح المواقف 8 : 207 . [6] شرح أُصول الكافي ( الملا صدرا ) 3 : 80 - 81 ، التفسير الكبير 1 : 95 .