توجد فيه آية ثمرة اجتماعية ، أو أنّ إضراره وآثاره السلبية أكثر من إيجابياته ، وإثمه أكثر من نفعه كما مرّت الإشارة إليه . هذا أوّلا . وثانياً : أنّ المضاربة يحتمل فيها الربح والخسارة معاً ، يعني أنّ صاحب رأس المال والعامل شريكان في الربح والخسارة معاً ، في حين أنّ احتمال الخسارة والضرر بالنسبة لصاحب المال في العقود الرّبويّة منتف تماماً ، حيث تكون الخسارة على عاتق العامل والمقرض فقط ، فعلى هذا لا يصحّ قياس الرِّبا على المضاربة وأمثالها ، كالمشاركة في الأعمال التجارية والإنتاجيّة والصناعيّة والزراعية ، فلا تعتبر هذه النشاطات الاقتصادية المفيدة والنافعة أكلا للمال بالباطل مطلقاً . الدّليل الآخر على أنّ الرِّبا أكل للمال بالباطل هو الرّواية التي يرويها محمّد بن سنان [1] عن الإمام علي بن موسى الرضا - عليه آلاف التحية والثناء - فقد ورد أنّ الرضا ( عليه السلام ) قال : « وعلَّة تحريم الرِّبا لما نهى الله عزّ وجلّ عنه ولما فيه من فساد الأموال لأنّ الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً وثمن الآخر باطلا ، فبيع الرِّبا وشراؤه وكسٌ على كل حال
[1] محمّد بن سنان من أصحاب الإمام علي بن موسى الرّضا ( عليهما السلام ) ، وقد وردت عنه في الغالب روايات التي تبين علل الأحكام عن الإمام الرّضا ( عليه السلام ) ، ولكن وثاقته محل خلاف بين علماء الرّجال ، فبعض ذهب إلى توثيقه ، وآخرون ذهبوا إلى تضعيفه ، وطائفة ثالثة توقفوا في الحكم عليه ، ولكن بما أننا في هذا البحث لا نريد إثبات الحكم الفقهي لهذه المسألة ، بل ما نحن فيه هو بيان فلسفة الحكم ، فلذا لا تشكل هذه المسألة عقبة في بحثنا هذا .