آخر ) ، وهذه القاعدة لا تجري هنا ، لأنّ الشريعة عند ما تنسخ فإنّ جميع قوانينها وأحكامها سوف تنسخ كذلك ، لا أنّ أصل الشريعة يقع في دائرة النسخ باستثناء بعض أحكامها . ولذا كان المسلمون في الصدر الأوّل للإسلام ينتظرون الوحي الإلهي في كلّ مسألة من المسائل [1] ، ولم يتمسكوا بأحكام الشرائع الماضية [2] ، بالرغم من وجود مماثلها في تلك الأديان والشرائع . ولكن يمكن إثبات هذه الأحكام للمسلمين عن طريق آخر أيضاً ، وهو أنّ الله تبارك وتعالى قد أورد مثل هذا الحكم في القرآن الكريم أيضاً ، على أساس الموافقة له ، فلو لم يكن هذا الحكم شاملا للمسلمين ، لوجب أن يتطرق إلى نفيه في هذه الآية الشريفة ، فعلى هذا يكون ذكر هذا النوع من الأحكام في القرآن - من دون إشارة إلى نفيه ونسخه - إمضاءً له بالنسبة إلى المسلمين في الواقع . ونخلص من مجموع الآيات الشريفة المذكورة أعلاه إلى أنّ الآيات الدالَّة على تحريم الرِّبا في القرآن الكريم كثيرة ( سبع آيات على الأقل ) ،
[1] على سبيل المثال ، فإنّ الرِّبا كان أمراً طبيعياً قبل نزول آيات تحريم الرِّبا ، ولم تردع الشريعة المقدسة عن هذا العمل قبل تحريم الوحي ، ولم تمنع المرتكبين له في ذلك الوقت ، بل إنّها لم توسّع دائرة التحريم بعد مجيء الحكم الشرعي بحرمة الرِّبا ليشمل ما مضى من العقود الرّبويّة ، واكتفى القرآن الكريم بقوله : * ( وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا ) * في حين أنّ الرِّبا كان حراماً في الشرائع السابقة . [2] وللمزيد من التوضيح راجع كتاب « أنوار الأصول » المجلد 3 الصفحة ( 410 ) فما بعدها .