القرض ، وليست وديعة حقيقيّة ، لأنّ عين المال غير موجود لدى البنك ، ولا عوضه ، في حين أنّ الوديعة يجب أن يكون لها وجوداً خارجيّاً ، وبهذا التّرتيب نواجه مشكلة في الفرضيّة الثّانية . الثّالث : أن تكون ماهيّة الحساب الجاري ، هي ماهيّة الوديعة ، لكن لا الوديعة في عين المال ، بل الوديعة ( في قيمة المال ) يعني أنّ الشّخص عند ما يودع مائة ألف درهم مثلا عند البنك ، فإنّه لا يودع عين هذا المال بعنوان أمانة ووديعة ، حتى يكون البنك ملزماً بحفظ وادّخار معادل هذا المال لديه ، بل إنّه يودع قيمته لدى البنك ، وفي هذه الصّورة لا يواجه البنك مشكلة شرعيّة ، فيما إذا لم يدّخر بمقدار مطالبات النّاس . ولكنّ الإنصاف أنّ هذا الاحتمال هو عين الاحتمال السّابق ( الفرضيّة الثّانية ) ، غاية الأمر مع اختلاف الألفاظ والصّورة ، لأنّ القيمة لمال معين لا بدّ أن يكون لها وجود في الخارج أو في الذمّة ، وفي فرض المسألة لا وجود خارجي للملكيّة إذاً لا بدّ أن تكون في الذمّة وفي هذه الصّورة تعتبر نوع من القرض ، لأنّ كلّ مال نعطيه إلى آخر ويكون لنا الحق في ما يعادل هذا المال في ذمته فهو قرض ، فعلى هذا يكون الاحتمال الثالث ضعيفاً ، ولم يأتِ بجديد . وإذا أردنا استجلاء النتيجة من هذه الاحتمالات الثّلاثة ، أمكن القول بأنّ الاحتمال الثّاني أقرب الاحتمالات لمعنى الحساب الجاري ، وهو أنّ ماهيّة الحساب الجاري بمثابة الوديعة والأمانة مع توكيل البنك في التّغيير والتّبديل والتّصرّف ، وطبعاً هذا المعنى يماثل القرض في النّتائج ، ولكنّ المهم أنّنا إذا قبلنا كل من الاحتمالات الثّلاثة المذكورة للحساب الجاري ،