ومن هنا تظهر الخدشة في ما ذكره شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - حيث أورد على نفسه بأنّ التزام ترك المباح لا ينافي إباحته ، وأجاب بأنّ التزام فعل الحرام مخالف للكتاب ، ويكفي هذا المصداق في تصوير كون الالتزام مخالفا دون الملتزم ، إذ فيه أنّه إن اعتبر المخالفة في الملتزم فهو غير موجود في شيء من المقامين ، إذ فعل الحرام مخالفة لجعل الشارع لا أنّه مخالف له ، ففي عدم المخالفة بالمعنى الثاني هو وترك المباح سيّان ، وإن اعتبر في الالتزام فهو فيهما موجود كما عرفت ، فلا وجه للتفكيك كما يستفاد من السؤال والجواب . وممّا يؤيّد بل يدلّ على اعتبار المخالفة في نفس الالتزام دون الملتزم ما دلّ من الأخبار على فساد شرط عدم التسرّي والتزويج والهجر عند وجود سببه ، مستدلَّا بأنّه مخالف للكتاب ، وقد عرفت أنّ نفس الملتزم فيها غير مخالف ، فلا بدّ من إرادة مخالفة نفس الالتزام . وأمّا احتمال أن يكون الشرط في مفروض الخبر المذكور ترتّب الطلاق على الأمور المذكورة فمع منافاته مع ذكر الإمام - عليه السّلام - آيات التزويج بأزيد من واحدة وجواز التسرّي والهجر ، مدفوع بأنّ المتفاهم عرفا من مثل ذلك شرط عدم التسرّي ، وأنّ الطلاق جعل عقوبة للارتكاب ، نظير قولك : إن فعلت كذا فلست برجل ، ومعناه أنّي التزم بعدمه ، وليس معناه الالتزام بترتّب عدم الرجوليّة على الفعل كما هو واضح ، ومورد الرواية من هذا القبيل فراجع . الرابع : غالب موارد الشرط هو الأمور الغير الحاصلة مع قطع النظر عن الشرط ، والحاصلة ببركته تكليفا كان أم وضعا ، وبالجملة غالب موارده حصول تغيير وتبديل بواسطة الشرط وإحداث أمر بعد ما لم يكن ، وهذا كيف يجامع مع الاستثناء في هذه الأخبار ، أعني : كون الشرط المخالف للكتاب والسنّة غير نافذ ؟