نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 186
إذ لا فرق بين المقامين إلا باعتبار أن خروج الماء عن صفته الأصلية هناك باعتبار وقوع هذا الجسم فيه أخيرا ، وخروجه هنا باعتبار كون الأرض كبريتية أو زاجية فاتفق تكيفه برائحتها ، أو باعتبار موافقة لون ذلك الجسم الطاهر الذي تغير به الماء للون النجاسة في إحدى الصورتين ، ومخالفته لها على وجه يستر رائحتها في الصورة الأخرى . وكل منهما لا يصلح وجها للفرق الموجب لتغاير الحكم ، إلا أن بعض محققي متأخري المتأخرين استظهر أن الكلام هنا كالكلام في النجاسة المسلوبة الأوصاف دليلا وجوابا وظاهره أن النجاسة في هذه الصورة باعتبار ما عليه الماء من الصفات لم تغيره واقعا ، بخلاف الصورة التي تغير فيها بجسم طاهر ، فإنه تغير واقعا وإن لم يظهر للحس بسبب الوصف العارضي . ولا يخفى ما فيه ، فإن الواقع المعتبر القياس إليه ، إن لوحظ مع قطع النظر عن العارض فالتغير ثابت في الصورتين ، وإلا فلا فيهما . وقد عرفت أن الوجه الفارق لا يوجب تغايرا يترتب عليه ما ذكره [1] .
[1] ثم إني وقفت بعد ذلك على كلام لشيخنا البهائي ( عطر الله مرقده ) في كتاب الحبل المتين يؤيد ما رجحناه ، حيث قال : " وقد يستفاد - من قوله ( عليه السلام ) في الحديث الثاني : " كل ما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب " - إنه لو كان للماء رائحة كالمياه الزاجية والكبريتية مثلا فسترت رائحة الجيفة ، لم ينجس وإن كان بحيث لو خلا الماء من تلك الرائحة لظهرت ، لصدق غلبة الماء على ريح الجيفة . والحديث السابع من الفصل الثاني كالصريح في ذلك . لكن الحق صرفهما عن ظاهرهما . وتقدير الماء خاليا من رائحته الأصلية . انتهى " وأشار بالحديث السابع إلى حسنة زرارة ، قال : " إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ إلا أن تجئ له ريح تغلب على ريح الماء " وكأن ذلك الفاضل لم يقف أيضا على كلام شيخنا المذكور ، حيث إنه ذكر أيضا إنه لم يقف على كلام لأحد من الأصحاب في ذلك . أقول : ومما يؤيد ما ذكرنا أيضا أن الأحكام المودعة في الأخبار إنما تحمل على الأفراد الغالبة الشائعة كما صرحوا به ، وحينئذ فالمعتبر في الغلبة وعدمها هو المياه العارية عن هذه العوارض . وأما هذه فتحمل على تلك وتقدر فيها الغلبة وعدمها ( منه رحمه الله ) .
186
نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 186