إِنّي سَأَلتُ هؤُلاءِ شَيئاً مِن مَنازِلِهِم وأفنِيَتِهِم لِنَزيدَ فِي المَسجِدِ وقَد مَنَعوني ذلِكَ ، فَقَد غَمَّني غَمّاً شَديداً . فَقالَ أبو عَبدِ اللهِ ( عليه السلام ) : أيَغَمُّكَ ذلِكَ وحُجَّتُكَ عَلَيهِم فيهِ ظاهِرَةٌ ؟ فَقالَ : وبِمَ أحتَجُّ عَلَيهِم ؟ فَقالَ : بِكِتابِ اللهِ ، فَقالَ : في أيِّ مَوضِع ؟فَقالَ : قَولُ اللهِ : ( إنَّ أوَّلَ بَيت وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ ) [1] ، قَد أخبَرَكَ اللهُ أنَّ أوَّلَ بَيت وُضِعَ لِلنّاسِ هُوَ الَّذي بِبَكَّةَ ، فَإِن كانوا هُم تَوَلَّوا قَبلَ البَيتِ فَلَهُم أفنِيَتُهُم ، وإن كانَ البَيتُ قَديماً قَبلَهُم فَلَهُ فِناؤُهُ . فَدَعاهُم أبو جَعفَر فَاحتَجَّ عَلَيهِم بِهذا ، فَقالوا لَهُ : إِصنَع ما أحبَبتَ [2] .104 - الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ النُّعمان : لَمّا بَنَى المَهدِيُّ فِي المَسجِدِ الحَرامِ بَقِيَت دارٌ في تَربيعِ المَسجِدِ ، فَطَلَبَها مِن أربابِها فَامتَنَعوا ، فَسَأَلَ عَن ذلِكَ الفُقَهاءَ ، فَكُلٌّ قالَ لَهُ : إنَّهُ لا يَنبَغي أن يُدخِلَ شَيئاً فِي المَسجِدِ الحَرامِ غَصباً . فَقالَ لَهُ عَلِيُّ ابنُ يَقطين : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَو كَتَبتَ إلى موسَى بنِ جَعفَر ( عليه السلام ) لأَخبَرَكَ بِوَجهِ الأَمرِ في ذلِكَ . فَكَتَبَ إلى والِي المَدينَةِ أن يَسأَلَ موسَى بنَ جَعفَر عَن دار أرَدنا أن نُدخِلَها فِي المَسجِدِ الحَرامِ ، فَامتَنَعَ عَلَينا صاحِبُها ، فَكَيفَ المَخرَجُ مِن ذلِكَ ؟ فَقالَ ذلِكَ لأَبِي الحَسَنِ ( عليه السلام ) .فَقالَ أبُو الحَسَنِ ( عليه السلام ) : ولابُدَّ مِنَ الجَوابِ في هذا ؟فَقالَ لَهُ : الأَمرُ لابُدَّ مِنهُ .فَقالَ لَهُ : اُكتُب : بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، إن كانَتِ الكَعبَةُ هِيَ النّازِلَةَ بِالنّاسِ فَالنّاسُ أولى بِفِنائِها ، وإن كانَ النّاسُ هُمُ النّازِلونَ بِفِناءِ الكَعبَةِ فَالكَعبَةُ أولى بِفِنائِها . فَلَمّا أتَى الكِتابُ إلَى المَهدِيِّ أخَذَ الكِتابَ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ أمَرَ بِهَدمِ الدّارِ ، فَأَتى أهلُ الدّارِ أبَا الحَسَنِ ( عليه السلام ) فَسَأَلوهُ أن يَكتُبَ لَهُم إلَى المَهدِيِّ
[1] آل عمران : 96 . [2] تفسير العيّاشيّ : 1 / 185 / 89 .