نام کتاب : الحج والعمرة في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 275
والنّاظر في القرآن الكريم يجد فيه أنّ البراءة من المشركين أحد ركنَي التّوحيد الأصيلَين ؛ حيث قرن دعوة الأنبياء إلى التّبرّي من الطّاغوت إلى جوار دعوتهم إلى عبادة الله ( ولَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّة رَسولاً أنِ اعبُدُوا اللهَ واجتَنِبُوا الطّاغوتَ ) [1] . و " الطّاغوت " لا ينحصر بالأوثان والأنصاب الّتي اصطُنِعت واتُّخذت في عصر الجاهليّة ، بل إنّ أجلى مظاهر الطّاغوت هو تلك السّلطات المشركة الّتي تسوق المجتمع إلى وجهة مغايرة لوجهة أنبياء الله تعالى . وهذا قول الصّادق ( عليه السلام ) في بيان معنى الطّاغوت في الآية السّابعة عشرة من سورة الزّمر : ( والَّذينَ اجتَنَبُوا الطّاغوتَ أن يَعبُدوها ) : من أطاع جبّارًا فقد عَبَده [2] . والمهمّة الأساسيّة هو التّعرّف على المؤامرة المعقّدة الّتي حيكت في تاريخ المسلمين للتّستّر على أجلى مظاهر الطّاغوت والشّرك ، لئلاّ تشعر المجتمعات الإسلاميّة الخطر من هذه النّاحية ، فتظلّ نظرتها إلى البراءة من المشركين حبيسة في نطاق البراءة من أصنام عصر الجاهليّة الأُولى . وقد كشف الإمام الصّادق ( عليه السلام ) - في عصره - عن هذه المؤامرة الخطرة ، وأعلن بصوت جهير : " إنَّ بَني أُمَيَّةَ أطلَقوا لِلنّاسِ تَعليمَ الإيمانِ ولَم يُطلِقوا تَعليمَ الشِّركِ ؛ لِكَي إذا حَمَلوهُم عَلَيهِ لَم يَعرِفوهُ " [3] . 3 - زمان البراءة من المشركين ومكانها ممّا لا ريب فيه أنّ البراءة من المشركين ليست محدودة بزمان أو مكان