إسم الكتاب : الحاشية على مدارك الأحكام ( عدد الصفحات : 451)
قرب . نعم استصحاب الموضوع أظهر أفراده . ويؤيد ما ذكرناه ما أشرنا إليه من غلبة الأحكام الفقهية في البقاء ، وطريقة الفقهاء أنهم إذا ثبت حكم شرعي يحتاجون في حكمهم بخلاف ذلك إلى دليل شرعي ، وأمرهم مقصور على ذلك ، ولا يقولون في موضع بعد تحقق حكمه أن هذا الآن حكمه كذا فقط ، وبعد ذلك الأصل عدمه ، فليلاحظ كتبهم الاستدلالية والفقهية ، بل البقاء رسخ في أذهان المتشرعة بحيث يصعب عليهم فهم خلافه . نعم عند تغير الموضوع بتغير العلة أو الوصف المشعر بالعلية يتأملون في البقاء حينئذ ، مع أن ظاهر أكثرهم البقاء حينئذ أيضا ، فتأمّل . وممّا ذكرنا لعله يظهر التأمّل في فهم العموم من الأدلة الدالة على النجاسة بالتغير من حيث دلالة اللفظ ، فإن قوله عليه السلام : « فإذا تغير الماء فلا تتوضأ » يحتمل أن يراد منه ما دام متغيرا . ورجوع الإطلاق إلى العموم الذي ليس ممّا وضع اللفظ له أزيد مما ذكر لعله يحتاج إلى إثبات ، إذ لو قال : إذا فقدت الماء فتيمم وصل بذاك التيمم ، لا يفهم منه أن بعد وجود الماء بعد ذلك التيمم يجوز الصلاة به أيضا ، فتأمّل . وبالجملة : لا بدّ من ملاحظة الأمثلة الشرعية والعرفية وغيرها والتأمّل فيها . نعم ربما أمكن الفرق بين زوال العلة المؤثرة ، وما هو شرط في تأثير العلة ، كالقلة في الانفعال بالملاقاة ، فإن زواله لا يوجب انتفاء المعلول ، لأنه ليس علة بل هو شرط لحصول التأثير ، وقد حصل فهو متأثر مطلقا ، فتأمّل . نعم قوله عليه السلام : « كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر » ظاهر العموم في نجاسة الماء بعد العلم بها ، كما بيّنّاه .