بعد ملاحظة أن الأحكام الفقهية عند الرواة وسائر الشيعة ما كانت مقصورة في ما رووه في ذلك الزمان ، لأن تلك الروايات وردت بعد ظهور الشرع وانتشاره في الأقطار وامتداد ذلك في الأعصار ، بحيث ما كان الرواة جاهلين ولا مستشكلين إلا في أمور خاصة دعاهم إلى الجهل بها والاستشكال فيها أسباب معينة ، كما هو الحال في أمثال زماننا . نعم في أمثال زماننا حصل بعض ما كانت غير حاصلة في ذلك الزمان ، وإن خفي بعض ما كانت ظاهرة فيه . والأئمة عليهم السلام ما كانوا يلقون إليهم الأحكام من أولها إلى آخرها ، وما كانوا يعترضون على الرواة حين استشكالهم في أمر خاص بأن هذا الحكم من أين عرفت ؟ ، ولم تسأل عن هذا الأمر الخاصّ دون نفس الأحكام وباقي متعلقاتها ؟ ، وما ذكرنا ظاهر على المتأمّل في الأخبار . وأيضا : الكليني - رحمه اللَّه - ما أتى بجميع روايات الأحكام المسلمة عند الشيعة ، التي لا تأمّل في وفاق كل الشيعة عليها ، بل الفقه لو كان مقصورا في الروايات المروية في الكافي خاصة لعله لم يثبت كثير منه ، وكذا الحال بالنسبة إلى غير الكليني - رحمه اللَّه - من القدماء . وبالجملة : بملاحظة جميع ما ذكروا وما أشرنا إليه لعله يحصل ما لا يقصر عن الخبر الواحد المحفوف بالقرائن ، سيما بملاحظة أنه باتفاق جمع من الصيارفة على كون دينار زيوفا يحصل اليقين عادة مع عدم عدالتهم ، بل وظهور فسقهم ، وكذا الحال في جميع الصناعات وجميع أهل الخبرة حتى العلوم . وبالجملة : مرجع القطع في الإجماع إلى الحدس ، فلا مانع من الحصول لبعض دون بعض ، ولا الحصول مع عدم العلم باجتماع الكل ، بل ومع خروج بعض أيضا ، كما صرح به المحقق - رحمه اللَّه - وغيره من