إسم الكتاب : الحاشية على مدارك الأحكام ( عدد الصفحات : 451)
ولعل مستندهم الإجماع البسيط الذي أشرنا أو المركب . وينبّه على ذلك حالنا وحال الفقهاء في كل عصر ومصر ، بأنّا بملاحظة حديث في موضع خاص ، مثل حديث الولوغ ، يسبق إلى أذهاننا انفعال القليل مطلقا من كل نجاسة ، من دون مدخلية خصوص ولوغ الكلب مثلا ، سبقا لا تأمّل فيه ولا تزلزل ، ولو أطلعنا على مثل ما روي عن الباقر عليه السلام مثلا يسبق إلى أذهاننا عدم الانفعال كذلك ، من دون مدخلية موت الفأرة والجرة . ثم من جهة السبقين يسبق إلى ذهننا التعارض بينهما ، بحيث نضطر إلى بذل الجهد التام في استحصال المرجحات وحجية تلك المرجحات ، ونضطرب في ذلك ، ثم في الجمع ولو بتعسفات شديدة ، أو الطرح بعد اليأس بالمرة ، ولا يختلج بخاطرنا احتمال اختصاص كل بمورده ، حتى في مقام تعسفات الجمع واضطراب القدح والطرح . مع أنّه لا تعارض أصلا ورأسا لولا ما يرسخ في الخاطر من الإجماع . ولذا لا يوجد تفاوت أصلا في ما ذكرنا بين القائل بحجية المفهوم ومنكرها والقائل بعمومه ومنكره ، بل ربما لا يخطر بالبال أصلا في المقامات المذكورة حديث المفهوم فضلا عن العموم والإشكال ورفعه بتحصيل رجحان ما . مع أن عموم المفهوم لا يقاوم خصوص المنطوق إجماعا ، فضلا عن أن يترجح عليه وفاقا ، وخصوصا أن يحصل الاطمئنان التام [1] الذي أشرنا . ومما يؤيد قول الأصحاب تتبع تضاعيف الأحاديث الواردة في المقامات الخاصة التي لا تحصى ، إذ بملاحظة جميعها ربما يحصل العلم العادي بعدم مدخلية خصوصية مادة ، مثلا رأينا الشارع قال في موضع : إذا شهد عدلان فاعتبروا ، وفي موضع آخر قال كذلك ، وهكذا إلى أن قال في