كان خصوص هذا الترتيب واجبا دون غيره لشاع ذلك ، ولا أقل من أن يكون مذهبا شائعا من المذاهب ، بل ولا أقل من أن يكون مذهبا معروفا من أحد من القدماء ، بل ولم نجد من المتأخرين أيضا من يفتي بذلك ، فكيف يخفى مثل هذا العام البلوى ، الكثير الحاجة ، المتوفر الدواعي على المعرفة والضبط على جميع الفقهاء من المتأخرين والقدماء ؟ ! فتأمّل . وأيضا [1] : كما أنّ الوضوء ماهية واحدة فكذلك الغسل ، ولذا وردت وضوءات كثيرة واجبة ومستحبة ولم يتأمّل أحد في ماهية واحد منها وأنها بأي هيئة ، وكذلك الغسل ، فإنّ الأغسال الواجبة كثيرة والمستحبة أكثر وأكثر ، ولم يتوقف أحد في واحد منها بأنها بأي كيفية ، ولم يرد في خبر من الأخبار لا كيفية الواجب ولا المستحب أصلا سوى غسل الجنابة ببعض الوجوه وغسل الميت ، وأما باقي الأغسال فلم يذكر ماهيتها أصلا ورأسا ، والبناء ليس إلَّا على كون الكل بهيئة واحدة ، وعرفت أن غسل الميت ورد فيه الترتيب بين اليمين واليسار كثيرا بحيث لم يبق مجال التوهم فيه ، ولا أقل في كون الغسل المذكور ( في موضع من المواضع الواجبة والمستحبة ) [2] هل هو بهيئة غسل الجنابة أو بهيئة غسل الميت ، إذ لم يتوقف أحد في ذلك قطعا . على أن الشارح في مبحث تداخل الأغسال اختار وحدة الجميع من جهة صدق الامتثال [3] ، وليس هذا إلَّا من جهة أن جميع الأغسال بهيئة واحدة لا تفاوت فيها أصلا . وأيضا : ترتيب الغسل وارتماسه وعدم وجوب الموالاة فيه وغير ذلك
[1] من هنا إلى آخر الحاشية ليس في « أ » . [2] ما بين القوسين ليس في « و » . [3] أنظر المدارك 1 : 194 .