نعم ، لو أراد الجنابة بعد الغسل أو حصل ظنه بها لا يتأتى منه نية الوجوب ، لا للغير ولا للنفس ، وعدم التأتي في الثاني أظهر ، لأنّ الوجوب النفسي عند القائل به تكليف واحد شخصي موسع إلى ظنّ الموت ، كما أشرنا سابقا . وأما الطهور للصلاة فبعد دخول الوقت يجب بالنص وإن لم يقصد به فعل الصلاة ، عند القائل بعدم وجوبه لنفسه على ما هو المعروف منه ، بأن يقول : بعد دخول الوقت يجب الشرط والمشروط معا وجوبا موسعا ، ولا يسقط وجوب الشرط عند عدم قصد إيقاع المشروط به ، فإذا تحقق المشروط بهذا الطهور فقد تحقق الشرط الواجب ، وإن تحقق بغيره فهو أيضا متصف بالوجوب . ولا مانع من تحقق واجبات للغير يجوز تركها ، لأنّ الواجب للغير لا يكون عقاب على ترك نفسه ، بل العقاب على ترك ذلك الغير الذي هو مشروطه ، على قياس أجزاء الواجب ، فإنّ الجزء واجب لغيره وهو الكل والمجموع ، وليس على تركه عقاب ، بل العقاب على ترك الكل . مثلا : لا نزاع في وجوب الركوع للصلاة ، ومعنى وجوبه أنه لو تركه لم تتحقق الصلاة ، فيعاقب بترك الصلاة لا بتركه ، وإلَّا لزم أن يعاقب تارك الصلاة بعقابات لا تحصى ، كل عقاب يكون على حدة ، مثل أن يعاقب بترك النية عقابا ، وبترك الألف في تكبيرة الإحرام عقابا آخر ، وبترك اللام الأول فيها عقابا آخر ، وبترك اللام الثاني عقابا آخر ، وهكذا إلى آخر الصلاة ، حتى أنه بإزاء كل جزء لا يتجزّأ من أجزاء حركاتها وسكناتها يكون عقاب على حدة ، وهكذا الحال بالنسبة إلى شروطها وترتيباتها وصفات الأجزاء . وبالجملة : لا تأمّل عندهم في أن الواجب للغير لا يكون عقاب على