على القول الآخر . فالأول لا شك في اعتباره ، والثاني من المجتهد إما مطلقا أو إذا كان عليه بخصوصه دليل شرعي . وأما الثالث فلا مانع له من مجرد القول مطلقا ، وأما العمل فلا مانع منه إذا كان احتياطا ، ولا شك في حسنه عقلا ونقلا ، فظهر وجه تسامح القوم في السنة والمكروه . مضافا إلى حديث : « من بلغه شيء من الثواب على عمل ، فعمل ذلك التماس الثواب ، أوتيه وإن لم يكن الحديث على ما بلغه » [1] . لا يقال : ما ذكر أوّلا يتم في محتمل الضرر مثل الوجوب والحرمة ، لا ما يفيد الاستحباب أو الكراهة ، والحديث غاية ما يثبت مجرد الثواب لا الاستحباب . لأنا نقول : الاحتياط يتحقق عقلا وعرفا في جانب المنفعة أيضا . مضافا إلى أنّ الحسنات يذهبن السيئات . مع أنّ ثواب اللَّه أعظم من الدرهم والدينار ، ويتحقق فيهما أيضا . بل من بذل جهده في جميع ما هو مطلوب السيد ، حتى المحتمل كونه مطلوبه ، فإنه عند العقل والعرف - بل لعله عند الشرع أيضا - ليست مرتبته مساوية لمرتبة المقتصر على القدر الثابت . وهذا أيضا طريق آخر للمسامحة . بل من ارتكب مباحا من حيث إنّ السيد أباحه ، وانه مباحه ، لعله يصير حسنا عند السيد ، ووسيلة لقربه ، جالبا لمحبته ، فإذا كان ما هو مقطوع عدم رجحانه كذلك فما ظنك بما نحن فيه . وهذا أيضا طريق آخر . وأيضا ربما يرتكب من حيث إنه نسب إلى السيد أنه يحبه ويستحسنه .
[1] انظر الوسائل 1 : 80 أبواب مقدمة العبادات ب 18 .