وكذا الحال في جل وجوه الجمع ، فإنهم يحملون على المجاز ويستدلون ، والحمل على تفاوت مراتب الاستحباب لا يلائم طريقتهم ، لقولهم بالوجوب ، ولذا فعلوا في باب النزح ما فعلوا . مع أن الأخبار الواردة فيها في غاية الاضطراب ، وحمل هذه على الوجوب وتلك على الاستحباب وإن كان ممكنا لكنه أيضا لا يوافق طريقتهم المسلوكة في سائر أخبار هذا الباب غالبا ، بناء على أن المنع من الاستحباب يقيني عندهم ، فجواز الاستعمال موقوف على دليل ثابت ، ومجرد الاحتمال لا يكفي . ( وكون الجمع بالحمل على الاستحباب مجرد احتمال عندهم ، إذ ليس عليه دليل شرعي وإن شاع ذلك بين فقهاء أمثال زماننا ، بحيث صارت من المتعينات عندهم ) [1] . وما ذكرناه يظهر من كلام الشيخ في التهذيب وغيره [2] ، فتأمّل . هذا ، لكن في الفقه الرضوي : « وإن بال الصبي وقد أكل الطعام استقي منها ثلاثة دلاء ، وإن كان رضيعا استقي منها دلو واحد » [3] ، وهذا هو مستند المفيد - رحمه اللَّه - البتة ، وإن كان الشيخ استدل بالرواية المذكورة ، لأنه - رحمه اللَّه - حين التأليف لم يكن متفطنا لأصل المستند ومتذكرا له ، فأتى بها له ، كما وقع منه - رحمه اللَّه - مكررا ، كما لا يخفى على المطلع .
[1] ما بين القوسين ليس في « د » . [2] التهذيب 1 : 243 ، الاستبصار 1 : 34 . [3] فقه الرضا « ع » : 94 ، 95 ، المستدرك 1 : 203 أبواب الماء المطلق ب 15 ح 2 ، بتفاوت يسير .