بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه ربّ العالمين والصلاة والسّلام على خير خلقه محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ، وبعد : إن الجهد المتواصل والسعي الدؤوب الذي قام به أصحاب الأئمّة ( عليهم السّلام ) وأساطين الفقه الإسلامي من لدن عصر أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) لتنظيم الفقه الإسلامي وتنسيقه حقيقة غير خافية على طلبة العلوم الدينية فضلا عن الفضلاء والعلماء . وفقهنا الحاضر الذي يمتاز بثرائه وغنائه هو نتيجة تلك الجهود الجبّارة ، ولذلك نراه اليوم منقّحا ومبوّبا ومن حيث الأصول والفروع متناسقا ومستدلَّا بحيث يمكننا أن ندّعي بجرأة أنه ليس لدى أيّ من الفرق الإسلامية فقه متطوّر متكامل كفقهنا هذا ، ويتجلَّى هذا الادّعاء إذا ما قيست الكتب الفقهية أمثال « جواهر الكلام » و « الحدائق الناضرة » و « كشف اللثام » و « التذكرة » و « المبسوط » بالأسفار الفقهية المعاصرة لها من علماء الفرق الإسلامية الأخرى . ومن المتون الفقهية الأصيلة التي تتمتّع بالدقّة والثراء وقوّة الاستدلال متن « كتاب الشرائع » الذي يعتبر من أهم مؤلَّفات العالم النحرير فقيه أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) المغفور له المحقّق الحلَّي - رضوان اللَّه تعالى عليه . ولأهمّيته القصوى لا زال يحظى بالعناية الفائقة من لدن كبار علماء الفقه الإسلامي ، وقد دوّنوا شروحا كثيرة له ، كما لا يزال ينتخب متنا للبحوث الاستدلالية في الحوزات العلمية . وممّا يمتاز به كتاب الشرائع هو أنّك لا تجد جملة أو كلمة فيه إلَّا وتراها ترمز إلى