اجتمع المتفرّد في رواية مع غيره على رواية ما يعارضه ، ومن البيّن أن رواية يونس المذكورة بالنسبة إلى رواية اعتبار التوالي فيما نحن فيه ليست من هذا القبيل ، لانفراد كلّ منهما براو على حدة غير راوي الأول . نعم ، إنما ينفرد رواية اعتبار التوالي بشهرة فتوائيّة ، والشهرة الفتوائيّة لا توجب شذوذ مخالفها كما توجبه الشهرة الروايتيّة ، بل إنما توجب شذوذه بالإعراض والوهن ، بناء على موهنيّة الشهرة الفتوائيّة المخالف وجابريّتها الموافق ، وكون اعتبار الأخبار من باب السببيّة المقيّدة بعدم الظنّ بالخلاف ، لا السببيّة المطلقة والتعبّد الصرف ، كما هو أحد أقوال المسألة . فتلخّص من ذلك : أن وجه ضعف المرسل المذكور منحصر في إعراض المشهور ، دون ضعف الدلالة ، لأنها صريحة ، ولا ضعف السند ، لأنه في حكم الصحيح . وأما توهّم ضعفه من جهة اشتمال بعض فقراته على مخالفة الإجماع ، كقوله : « عدّت . إلخ » القاضي بأن العشرة حيض ذات العادة المتجاوز دمها العشرة . وهو خلاف الفتوى . ففيه منع ظهوره في ذات العادة ، بل وإمكان تأويله إلى غير ذات العادة . وكقوله : « ذلك أدنى الحيض » القاضي بطهر النقاء المتخلَّل في الأقلّ المنافي للنصّ والإجماع . ففيه أيضا : منع مخالفته الإجماع أولا ، لوجود القائلين به من الأصحاب ، كصاحب الحدائق [1] وجماعة . وثانيا : بأن تلك الفقرة - كسائر النصوص الظاهرة في ما يخالف المشهور - قابلة للتأويل بقاعدة الجمع ، وسائر القرائن المفروضة من شهرة أو إجماع .