كموضوع سائر الأحداث من المنيّ والبول وغيرهما - عبارة عمّا هو عليه في اللغة من كونه الدم السائل أو سيلان الدم ، حيث أطلق لغة على اسم المعنى تارة وعلى اسم العين أخرى ، وذلك لعدم ثبوت عرف خاصّ للشرع ولا للمتشرّعة فيه ، مضافا إلى أصالة عدم النقل والاشتراك فيه ، وكون المجاز خيرا من الاشتراك . وعلى ذلك ، فإطلاق الحيض لغة على مطلق الدم ولو كان فاقد صفات الحيضة إنما هو من باب التعريف بالأعمّ الجائز في التعريفات اللفظيّة ، وهو تبديل لفظ بلفظ أشهر ، كتعريفهم السعدانة بأنه نبت ، أو من باب عدم امتياز الحيض الواقع عن غيره عندهم . وكذلك الخصوصيّات المأخوذة في تعريفه في لسان الشرع والمتشرّعة مع اختلافها إنما هي لتمييز مصداق الحيض الواقع عن غيره ، لا لنقله عن معناه اللغوي إلى معنى آخر شرعي كما قد يتوهّم ، لأصالة عدمه وعدم الاشتراك . وعلى ذلك ، فلا خلاف بين اللغة والشرع في أن الحيض هو الدم المخصوص المخلوق لتكوين الولد ، المحكوم عليه بأحكام كثيرة عند أهل كلّ شريعة وعند الأطبّاء وغيرهم . إلا أن تشخيص مصاديقه على وجه منضبط لمّا خفي على غير العالم في الأرحام ، واشتبه على أكثر الخواصّ والعوام ، ولم يكن مثل مصاديق سائر الأحداث - كالمنيّ والبول والغائط - معلوما مضبوطا عند الناس ، كشف الشارع عن بعض الأمور المخبرة عنها ، ككونه أسود حارّا يخرج بحرقة ومن الأيسر ، وعن بعض الأمور المنافية له ، كالدخول في الخمسين ، أو تجاوز الدم عن العشرة ، أو نقصانه عن الثلاثة ، أو وقوعه بعد الحيضة الأولى بأقلّ من العشرة ، أو نحو ذلك . فإطلاق الحيض عند أهل اللغة الجاهلين بالشرع على هذه الدماء المعدودة في الشريعة من الاستحاضة إنما هي بزعم كونها من مصاديق