المنخرين ، مضافا إلى النهي [1] عن خزم [2] الأنوف ، وأنه من دأب الجاهليّة نسخها الإسلام . والحاصل : أن تخصيص عموم حرمة الفقرات الأربع في النبويّ المذكور بصورة التدليس أو الإيذاء لغير مصلحة مسوّغة شرعا - كما يشهد عليه عموم خبر الرخصة - أولى من حمله على الكراهة ، وإن كان حمله على الكراهة أولى من إبقائه على عموم الحرمة وتخصيصه بغير الواصلة ، [ كما ] قاله المصنف . * قوله : « إن التدليس بما ذكرنا إنما يحصل بمجرّد رغبة الخاطب » . * أقول : لو كان التدليس يحصل بمجرّد الترغيب بالأمر الواقعي لكان جميع المرغبّات وإظهار المزيّنات والمحسّنات بأسرها من التدليس المحرّم ، حتى التنظيف وغسل الوجه وكشف للخاطب والمشتري [3] تدليس محرّم . وهو ممنوع جدّا . بل لزم انحصار الاجتناب عن التدليس في إخفاء المحاسن واستتارها عن الناظر الخاطب والمشتري بالستر والاحتجاب ، وهو مع القطع ببطلانه أقوى وأشدّ تدليسا . بل ولزم عدم جواز النظر إلى محاسن من يريد تزويجها أو شراءها من النساء والإماء ، ومن الإجماع والضرورة جوازه ، وجواز تمكين الناظر منه . لا يقال : لو لم يحصل التدليس بمجرّد مزيّة الرغبة لوجب النظر دفعا للتدليس والغرر عن الخاطب والمشتري . لأنّا نقول : عدم وجوبه ليس من جهة تفاوت الرغبة به ، بل من جهة عدم تفاوت المقصود الأصلي من الزوجيّة وهو البضع ، ومن الجارية وهو الاستخدام به . ولهذا لا يعدّ انتفاء البكارة عيبا من العيوب الموجبة لخيار الفسخ ، مع أنها من
[1] لم نعثر عليه في مظانه . [2] كلّ شيء ثقبته فقد خزمته ، انظر لسان العرب 12 : 174 . [3] كذا في النسخة الخطَّية ، ولعلّ الرفع باعتباره خبرا ل « انّ » المقدّرة بعد « حتى » ، وفرض « من التدليس » خبرا ل « لكان » في أول الكلام .