* قوله : « هذا في غاية البعد ، إذ لا داعي للمسلم . . إلخ » . * أقول : قد تقدّم [1] منع بعده من وجوه عديدة ، لا أقلّ من كون البعد على تقدير تسليمه مبنيّا على إرادة صورة الاشتراط النادر فقط ، وأمّا في ضمن العموم بانضمام فرد آخر من العموم إليه كالمقصود منه الحرام من دون اشتراطه - كما أفتى بحرمته هو آنفا - بل وغير المقصود منه الحرام إذا علم ترتّبه عليه - كما يقتضيه العموم - فلا بعد فيه . * قوله : « فالأولى حمل الأخبار المانعة على الكراهة . . إلخ » . * أقول : فيه أولا : أن حملها على تجوّز الكراهة ليس بأولى من بقائها على ظاهر الحرمة والعموم ، وتقييد الأخبار المجوّزة بصورة عدم قصد الحرام من بيع العنب والعصير ، كما هو الغالب من حال المسلم ، بل وبصورة عدم العلم بإعماله خمرا حين البيع وإن علم به بعده ، أو علم بأن عمل المشتري تخمير العنب كلَّية لا خصوص هذا العنب ، فإن خبر جواز بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا [2] لا يأبى من الحمل على العلم به بعد البيع ، أو العلم بأنه خمّار يعمل العنب خمرا لكن لا يعلم بإعماله هذا العنب خمرا . ولو أبى عنه فليس بأبعد من حمل نصوص المنع على الكراهة . والاستشهاد عليه بقوله عليه السلام : « بيعه ممّن يطبخه أو يصنعه خلَّا أحبّ إليّ ولا أرى به بأسا » [3] لا شاهد فيه ، فإنه مثل قولك : الحلال أحبّ إليّ من الحرام ، وقوله تعالى * ( السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْه ) * [4] * ( ولَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى ) * [5] .
[1] في ص : 55 . [2] الوسائل 12 : 169 ب « 59 » من أبواب ما يكتسب به ح 5 . [3] الوسائل 12 : 170 ب « 59 » من أبواب ما يكتسب به ح 9 ، وفيه : ولا أرى بالأول بأسا . [4] يوسف : 33 . [5] الضحى : 4 .