ويندفع أيضا هذا النقض نقضا : بمسألة ضمان الطبيب مع إذنه في الطبابة من قبل الشارع وولي المريض ، فبما يجيب يجاب . وحلَّا : بأنّه إن فسّرنا الإحسان من قوله تعالى * ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) * [1] بما يضمن نفع الغير من الأفعال كالأمانة والوديعة - كما عليه جماعة من الأصحاب - كان ضمان الأخير مع عدم إقدامه على الضمان من جهة أنّ مطلق الإذن له لمّا كان أعمّ من الإذن على وجه الاستيمان والإذن على وجه الضمان والعامّ لا يدلّ على الخاصّ لم يوجب إخراج يد الأجير عن عموم قاعدة « على اليد » وإدخاله في يد المحسنين « الَّذين ليس عليهم سبيل » ، كما لم يوجب إخراج الطبيب عن قاعدة التسبيب وإدخاله في المحسنين أيضا . وإن فسّرنا الإحسان بما لا حرج فيه وإن لم يشتمل على المنافع العائدة إلى الغير - كما استظهره شيخنا العلَّامة دام ظلَّه من عدم تعديته ب « إلى » في الآية [2] - كان مقتضى القاعدة عدم ضمانها ، لاندراجهما عند عدم التفريط والتقصير المفروض في عموم « المحسنين الَّذين ليس عليهم سبيل » ، كما عليه جماعة من الفقهاء [3] ، إلَّا أنّ القائلين بضمانهما مع ذلك إنّما يستندون إلى الدليل الخاصّ المخرج - كعموم « الطبيب ضامن » و « الأجير ضامن » - لصورتي التفريط وعدمه . ولعلّ الحكمة في ضمانهما ملاحظة الشارع وجود المصلحة العامّة القاضية لشدّة المحافظة على أموال الناس ونفوسهم ، وترك المسامحة والمساهلة المؤدّية إلى تلف النفوس وأموال الناس ، فإنّ ملاحظة هذه المصلحة العامّة وشدّة الرأفة والرحمة الكامنة تقتضي أن يكون إضمان الطبيب والأجير حتّى عند عدم التفريط