الملك ، أو من البائع الأوّل ؟ الأظهر إن كان المحيز يسقي تلك العروق قبل نبات الدوي فهو مال المحيز إذا علم إعراض المشتري - كما هو ظاهر الحال - وإن ربّاها بعد نباته وصيرورته شيئا له ماليّة فهو مال المشتري ، إلَّا إذا علم منه الإعراض بعد النبات فمال المحيز ، وأمّا الشركاء فلا حقّ لهم ، لانقطاع الحقّ به . وقال أيضا في باب المزارعة : « إذا زارع أحد في أرضه فسقط من حبّه شيء ونبت في ملك صاحب الأرض عاما آخر فهو لصاحب الأرض عند علمائنا ، وقال الشافعي : لأنّه عين ماله كما لو بذره قصدا ، وقال أحمد : يكون لصاحب الأرض ، لأنّ صاحب البذر قد أسقط حقّه بحكم العرف وزال ملكه عنه ، لأنّ العادة ترك ذلك لمن حازه ، ولهذا أبيح التقاطه وزرعه ، ولا خلاف في إباحة التقاط ما رماه الحصاد من سنبل وحبّ ، فجرى ذلك مجرى نبذه على سبيل الترك فصار كالشيء التافه يسقط منه كالتمرة واللقمة والنوى ، ولا شكّ أنّه لو التقط النوى وغرسه كان له دون من سقط ، وليس بجيّد ، لأنّ الحقّ والملك يزولان بالإعراض ، بل به وبالاستيلاء ، فإذا لم يحصل الثاني ونبت الحبّ لم يكن من جملة ما تمثّل به » [1] انتهى . ولكنّك قد عرفت من الأدلَّة المتقدّمة كالسيرة والنصوص والإجماع والتواتر المنقولين عن السرائر [2] ظهور كون الإباحة في المعرض عنه إباحة شرعيّة صادرة عن قبل الشارع على مجرّد تحقّق الأعراض ، لا إباحة مالكيّة حتّى تقدّر بقدر رضا المالك من التصرّف ونوعه ، وكون مبدأ تلك الإباحة الشرعيّة ومنتهى ملكيّة المعرض عن المعرض عنه هو من حين تحقّق الإعراض وخلع علقة القلب عن المال ، لا من حين استيلاء يد المتصرّف عليه بالتصرّفات
[1] تذكرة الفقهاء 2 : 340 . [2] تقدّم ذكر مصدره في ص : 486 .