وإذا تبيّن لك أنّ لازم العقد من حيث إنّه لازم أعمّ من ملزومه ، وأنّ العامّ لا يدلّ على الخاصّ ، وأنّ انضمام القرائن الدالَّة على إرادة الملزم لا يستلزم تعلَّق الإنشاء بالملزوم ، بل هو أعمّ منه ومن إرادة تعلَّقه باللازم علمت وعرفت من هنا أنّ الكناية - وهو اللفظ المفيد لازم العقد وضعا - لا يلحق بالصريح بواسطة ضمّ القرائن المعيّنة لإرادة نفس العقد منها ، إلَّا إذا دلَّت على تعلَّق الإنشاء بنفس العقد ، لا على مجرّد إرادته من تعلَّق الإنشاء بلازمه ، وأنّ وجهه كون المخاطب لا يدري بم خوطب ؟ والمراد من عدم دراية ما خوطب به ليس عدم دراية المراد منه حتّى يندفع إطلاقه بأنّ القرائن لو انضمّت إليه تعيّنه ، بل المراد : عدم دراية أنّ المنشأ بإنشاء اللازم هو لازم العقد ليترتّب عليه آثار اللازم ، أو نفس العقد ليترتّب عليه آثار نفس العقد ، من جهة أنّ تعلَّق الإنشاء باللازم مع ضمّ القرائن الدالَّة على إرادة نفس العقد أعمّ من كون الغرض تعلَّقه باللازم حقيقة وأصالة . وإن كان الغرض منه الانتقال إلى إرادة الملزوم ، ومن كون الغرض تعلَّقه به صورة من باب التوطئة والتوسّط لتعلَّقه بنفس الملزوم . ومن المعلوم أنّ العام لا يدلّ على الخاصّ إلَّا بضمّ القرينة الدالَّة على الخصوصيّة . فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّ المحتمل من اشتراط الصراحة في العقود وعدم كفاية الكناية وجوه : أحدها : اشتراط الانعقاد بالألفاظ المتلقّاة من الشارع ، أعني المستعملة في عنوان ذلك العقد في الكتاب أو السنّة ، كما يوهمه ظاهر بعض فتاويهم الآتية ، حملا لألفاظ العقود على التوقيف تعبّدا ، كحمل ألفاظ العبادات عليه تعبّدا . ثانيها : احتمال اشتراط كونه بلفظ أمر الشارع بإيقاع العقد به ، لا غير كما يوهمه عمل بعض الوساوسة على تكرار عقد النكاح بجميع ما يحتمل فيه من الألفاظ وأنحائها .