من العقود ، وعدم جريانها في المبنى ذاته شرعا عليه كالرهن . فإن قلت : إنّ جريانها في ما عدا البيع من العقود ينافي حرصهم على ضبط الصيغ الموجبة لانعقاد سائر العقود وتميّزها عمّا لا يوجب انعقادها به ، فضبطهم في كلّ باب من أبواب العقود والإيقاعات للصيغ الموجبة لانعقاد ذلك الباب ، وتخصيص انعقاد العقود بالصيغ الخاصّة بكلّ واحد منها دليل عدم جريان المعاطاة فيها . قلت : أمّا ضبطهم صيغ العقود اللازمة فلعلَّه لأجل بيان توقّف لزوم ذلك العقد عليها دون توقّف أصل الصحّة عليها ، كما هو المتعيّن في ضبطهم صيغة البيع مع اتّفاقهم ظاهرا على صحّته بالمعاطاة . وأمّا ضبطهم صيغ العقود الغير اللازمة مع حصولها بمجرّد المعاطاة وعدم توقّف حصولها على الصيغة فلعلَّه لأجل الفرق بين ما يحصل بالصيغة ، وما لا يحصل بها في صراحة دلالة الألفاظ على القصود ، وعدم احتياجها إلى ضمّ شيء من القرائن الكاشفة عن المراد ، وقصور دلالة الأفعال عن تلك الصراحة فتحتاج إلى ضمّ ما يصرّح كشفها عن المراد من القرائن الحاليّة أو المقاليّة . أو لعلَّه لأجل أنّ بتلك الصيغ من الآثار والأحكام المختصّة ما ليس لمجرّد المعاطاة والإذن منها ، كما لا يخفى على المتتبّع الخبير . وبالجملة : فضبط الصيغ للعقود الجائزة لا يدلّ على انحصار انعقادها في الصيغ ، بل يجوز اشتراك المعاطاة معها في الجواز . ثمّ إنّ الدليل على جواز تعدّي المعاطاة إلى سائر العقود ، بل وإلى الإيقاعات يمكن أن يكون وجوها ، أقواها ما عن الشيخ صاحب كشف الغطاء : من دعوى جريان السيرة المستمرّة خلفا عن سلف في كلّ من العقود على المعاطاة فيها ، حتّى في الرهن والوقف . بل وكذا سيرتهم في الإيقاعات - كالنذور والعهود - أيضا جارية على الاكتفاء بمجرّد النيّة ، أو المقاولة بما عدا الألفاظ