ولعلَّه : إمّا لدعوى الاقتصار على القدر المتيقّن من التوقيفات وأصالة عدم الإباحة والتراضي في ما عدا القدر المتيقّن . ويندفع بما عرفت من عدم ريب ولا شكّ بعد إطلاق قوله تعالى * ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) * [1] ، والإجماع المنقول ، بل المحصّل بالتقريب المتقدّم ، بل الضرورة على صحّة المعاطاة حتّى يبادر إلى الأخذ بالمتيقّن من صحّة البيوع . وإمّا لتوهّم تخصيص إطلاق * ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) * ومعاقد الإجماع والضرورة بظهور قوله عليه السّلام : « إنّما يحلَّل الكلام ويحرّم الكلام » في حصر أسباب الحلَّيّة في الكلام . فقد صحّ عن ابن أبي عمير أنّه لمّا سأل أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يجيئني ويقول : اشتر لي هذا الثوب وأربحك كذا وكذا ، فقال عليه السّلام : « أليس إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ؟ ! قلت : بلى ، قال : لا بأس إنّما يحلَّل الكلام ويحرّم الكلام » [2] . ويندفع أيضا : إمّا بتخصيص عموم مفهوم حصر أسباب حلَّيّة البيع في الكلام بقيام الإجماع على خروج المعاطاة عن عموم مفهوم الحصر . وإمّا بجعل الإجماع على حلَّيّة المأخوذ بالمعاطاة من دون كلام قرينة كون الحصر حصر تقييد لا حصرا مطلقا ، أعني : حصر قلب لقلب اعتقاد المخاطب عدم إفادة الكلام الحلَّية في بيع ما ليس عنده ، كما في قوله ، تعالى * ( إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِله واحِدٌ . . ) * [3] ، مع عدم انحصار الوحي إليه في التوحيد ، وعدم انحصار صفاته تعالى في الوحدة . وكما في قوله تعالى * ( وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ . . ) * [4] ، مع عدم انحصار صفاته ، صلى الله عليه وآله في الرسالة . فكما أنّ الحصر في
[1] النساء : 29 . [2] الوسائل 12 : 376 ب « 8 » من أبواب أحكام العقود ح 4 . [3] الأنبياء : 108 . [4] آل عمران : 144 .