* أقول : كما خصّص عموم التقيّة شرعا باستثناء الدم وبشرب الخمر ومسح الخفّين ، كذلك يخصّص عقلا وكلَّية باستثناء ما يستلزم نقض غرض الحكيم ، كما في خصوص تبليغ النبيّ الأحكام فلا يتّقي فيها النبيّ ، لأنه نقض غرض الحكيم من النبوّة وبعثه في تبليغ الأحكام ، بخلاف التقيّة منه في الأفعال - كصلح الحديبيّة - فيجوز ، كما يجوز للإمام في الأفعال والأحكام ، كتحكيم الحكم على عليّ ، وصلح الحسن مع معاوية قهرا ، بمعنى تقاعده عن أخذ حقّه - لا تراضيه بالباطل - من باب * ( فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) * [1] ، كإنظار إبليس في غيّه . ويستثنى من عموم التقيّة أيضا ما يستلزم النقض الشرعيّ والعرفيّ المنفّر للطبيعة على النبيّ والإمام ، بل على كلّ معصوم من الآثام ، كتزويج المؤمن المشركة وبالعكس ، وبيعة الطاغية والتولَّي عنه في فعل لا مجرّد قول ، فإنّ الإكراه يسوّغه للإمام كغير الإمام . ومنه قبول الرضا عليه السّلام إكراها ولاية عهد الطاغية قولا لا فعلا . ومنه يعلم أنّ تزويج الأنبياء الكافرات والمشركات من باب التمليك في الواقع ، وإن سمّي تزويجا في الظاهر من باب التقيّة والمداراة الظاهريّة وحسن المعاشرة الصوريّة ، جمعا بين مصلحتي الواقع والظاهر . وعدم صحّة أخبار تزويج بنات الأنبياء والأوصياء الكفرة الفجرة . وعدم صحّة أخبار بيعتهم الطاغية والتولَّي عنهم ، بل ولا التسليم عليهم بإمرة المؤمنين والعبوديّة لهم ، ولا الصلاة خلفهم ، إلى غير ذلك من الأخبار الضعاف المنقصة لشأن الإمامة والعفّة والعصمة ، والمنفّرة للطبيعة ، فلا يسوّغها الإكراه والتقيّة في مثل الإمام وإن سوّغها في سائر الأنام ، لقوله عليه السّلام لمّا أرادوا منه البيعة والنزول على حكم يزيد : « والله لا أعطيكم