* [ أقول : ] فيه : أنّ اختلاف نصوص المعيّة مع الجائر لا ينحصر في اختلاف مقاصد التولَّي من قبله ومصالحه المقصودة الدنيويّة لنفسه أو لإخوانه ، أو لمصالحه الأخرويّة الواجبة عليه ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل اختلافها من جهة اختلاف مراتب العمل والعامل وموارده ، من حيث إنّ أفضل الأعمال أحمزها وأخلصها وأعظمها ، فإن المعيّة لإنجاء نبيّ أفضل منها لإنجاء مؤمن ، وهي أفضل منها لإنجاء مسلم ، وهي أفضل منها لإنجاء ذمّي ، وهكذا . * قوله : « بل من باب مزاحمة قبحها بقبح ترك الأمر بالمعروف . . إلخ » . * [ أقول : ] فيه : أنّ صحّة التوجيه المذكور مبنيّ على أن يكون تزاحم القبيحين المذكورين كتزاحم الحقّين دليله لبيّا من عقل أو إجماع ، والمفروض أنّه لفظيّ كالمتعارضين ، فمرجعه إلى التساقط والرجوع إلى الأصل العملي لا التخيير الظاهري . * قوله : « الولاية غير المحرّمة منها ما يكون مرجوحة . . ومنها ما يكون واجبة . . ومنها ما يكون مستحبّة . . إلخ » . * أقول : قد عرفت أنّ الولاية غير المحرّمة الآتي فيها الأقسام المذكورة إنّما هو التولَّي فيما له ولاية شرعيّة حقّانيّة ، كتولَّي الفقيه الجامع من قبل الجائر لأجل القضاء بالعدل ورفع الظلم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإجراء الحدود والأحكام من الحلال والحرام ، وإقامة شعائر الإسلام ، وحفظ أموال الأيتام وشريعة خير الأنام . ومن المعلوم أنّ هذا القسم من التولَّي في الحقيقة خارج عن محلّ الكلام في المقام . وإنّما محلّ الكلام هو التولَّي من قبل الجائر ، إمّا في خصوص جوره وما ليس له بحقّ كالحكومة الجوريّة على العباد وجباية الخراج والمقاسمة لهم وإجراء أحكامهم الباطلة وأوامرهم الفاسدة ، وإمّا ترويج أمورهم وإعانتهم