تعظيم الجلالة من الهتك بالكذب الصريح . وأمّا ما تقدّم [1] من آية تورية الخليل عليه السّلام والصّديق عليه السّلام وأخبار تورية غيرهم فقد عرفت خروجها عن محلّ النزاع أوّلا : بدلالتها على جواز التورية لا وجوبها المتنازع فيه . وثانيا : بالتورية فيما ليس له ظاهر يخالفه ، لا فيما له ظاهر يخالفه الذي هو محلّ الكلام . * قوله : « يمكن الفرق بين المقامين . . إلخ » . * أقول : يمكن منع هذا الفرق بأنّه إن تعلَّق الإكراه في العقد والإيقاع بالمعنى الحقيقيّ الواقعي ، فكذلك الإكراه المتعلَّق بالحلف متعلَّق بالحلف على المعنى الحقيقيّ الواقعي ، وإن تعلَّق فيهما بالأعمّ من الحقيقيّ فكذلك الإكراه المتعلَّق بالحلف من غير فرق . * قوله : « وهذا بخلاف الكذب ، فإنّه لم يسوّغ إلَّا عند الاضطرار إليه ، ولا اضطرار مع القدرة » . * أقول : ويمكن منع هذا الفرق أيضا بما عرفت من تسويغ الكذب عند عدم الاضطرار أيضا ، بل وعند عدم الإكراه أيضا ، لمصلحة من المصالح ، فلا فرق من هذه الجهة أيضا . نعم ، يمكن الفرق بينهما بأنّ الإكراه المتعلَّق بالإنشاء بمجرّده مخرج عن الإنشاء الحقيقي ومانع منه بدون التورية ، بخلاف الإكراه المتعلَّق بالأخبار ، فإنّه غير مخرج إيّاه عن حقيقة الإخبار وغير مانع منه إلَّا بالتورية . أو بأنّ المكره عليه في الإنشاء ليس بحرام ولا قبيح حتّى يحتاج إلى التورية المخرجة عنه ، بخلاف المكره عليه في الإخبار فإنه كذب محرّم قبيح يحتاج إلى التورية المخرجة عنه .