الكذب المعهود الذكري - وهو خلف الوعد أو الهزل - ممّا لا نضايق كونه صغيرة في نفسه ، لا أنّ مطلق الكذب ليس فجورا حتى يثبت المدّعي . * قوله : « المبالغة في الادّعاء وإن بلغت ما بلغت ليست من الكذب » . * أقول : لا دليل على خروج المبالغة عن الكذب سوى السيرة القطعيّة على المبالغة بين المسلمين بل المعصومين ، من غير نكير ، بل ربما يعدّون المبالغة من البلاغة . ولكن السيرة دليل جوازها لا خروجها عن اسم الكذب عرفا ، خصوصا بالنسبة إلى أصل الزيادة ، فإنّه وإن كان أصل الدعوى في محلَّه صدقا واقعا إلَّا أنّ الزيادة وإن كان في محلَّه إلَّا أنّه كذب ظاهرا ، إلَّا أنّه لا ينافي جوازها ، بل ولا عدّها في البلاغة ، كسائر المجازات العقليّة اللغويّة ، المتأخّر عنها القرائن الصارفة . * قوله : « إلَّا إذا بني على كونه كذلك في نظر المادح ، فإنّ الأنظار تختلف . . إلخ » . * أقول : المدار في كذب الإخبار على مخالفة الواقع لا اختلاف الأنظار ، ألا ترى أنّ إخبار الأحول عن الواحد بالاثنين والصفراويّ عن الحلو بالمرّ كذب لا صدق ، مع موافقة الأخبار بنظر المخبر وذائقته ؟ ! * قوله : « فلا ينبغي الإشكال في عدم كونها من الكذب . . إلخ » . * أقول : تفصيل الكلام في بيان الأقسام والأحكام وتحرير محلّ النزاع في المرام هو أن يقال : لا إشكال في أنّ صدق الخبر وكذبه هو المطابقة واللامطابقة للواقع ، إنّما الإشكال في أنّ الطريق إلى هذه المطابقة واللامطابقة للواقع - بحسب الصدق العرفي ، لا الجواز الشرعي الدائر مدار المسوّغات الشرعيّة ، أو الضروريّات العقليّة المبيحة للمحظورات ، المقدّرة بقدرها عقلا - هل هو بإرادة اللافظ ودلالة اللفظ كما هو الفرد المتيقّن من الصدق والكذب عرفا ، أو بالإرادة