والظلم بحقّ على وجه التقاصّ والقصاص بحقّ . ومن البيّن أنّ هذا المقدار من التظلَّم بالمثل خارج عن موضوع الأدلَّة العقليّة - وهو قبح الظلم - والنقليّة - وهو عموم * ( ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) * [1] و * ( لا يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوءِ ) * [2] - من باب التخصّص لا التخصيص حتّى يقتصر في الخروج على المتيقّن ، ضرورة أنّ استيفاء المظلوم حقّه من الظالم بالمثل وما دونه ولو كان من حقّ الأولويّة لا الحقوق الواجبة لا يعدّ ظلما ولا حراما ، بل يكفي في جوازه العقل ، بل والأصل ، ولو لم يكن عليه عموم ولا نصّ . نعم ، لو أردنا إثبات جواز التظلَّم بالزيادة على المثل كمّا أو كيفا ، كتظلَّم المظلوم بغير ما ظلم به من إظهار المناقص غير الظلميّة كالعور والحول ، أو بما ظلم الظالم به نفسه لا غيره كشرب الخمر وترك الصلاة ، أو بما ظلم به شخص ثالث غير المتظلَّم ، توقّف على إطلاق أو عموم المسوّغ من النصوص . * قوله : « الظاهر من الجواب أنّ الشكوى إنّما كانت من ترك الأولى » . * أقول : كما يحتمل أن يكون المراد من الكامل البالغ أعلى مراتب الكمال لتكون ، الشكوى من ترك حقّ الأولويّة ، كذلك يحتمل البالغ أدنى درجاته لتكون الشكوى من تركه الحقوق الواجبة ، والاحتمال مبطل للاستدلال . ولكن يسهّل الخطب أنّ هذا الخبر وإن لم يظهر منه المدّعى إلَّا أنّ الخبر السابق [3] : « من استقضى فقد أساء » [4] صريح فيه ، مضافا إلى ظهور خبري العيّاشي [5] والمجمع [6] في تفسير « من ظلم » بمن لم يحسن ضيافة الضيف ، مضافا
[1] الحجرات : 12 . [2] النساء : 148 . [3] لا يخفى أنّه لم يسبق ذكر منه « قدّس سرّه » . [4] الوسائل 13 : 100 ب « 16 » من أبواب الدين والقرض ح 1 . [5] تقدم ذكر مصادرهما في هامش ( 2 و 3 ) ص : 176 . [6] تقدم ذكر مصادرهما في هامش ( 2 و 3 ) ص : 176 .