منه إنّما هو بالتخصّص لا التخصيص والخروج عن موضوع الغشّ ، بخلاف ما خفي بمسامحة المشتري ، فإنّه على تقدير خروجه إنّما يخرج عن حكم الحرمة ، وهو تخصيص بلا مخصّص . هذا كلَّه ، مع أنّ المشتقّ حقيقة في المتلبّس لا المنقضي ولا ما لم يتلبّس بعد . ومن البيّن أنّ ما خفي من الغشّ ، بمسامحة المشتري من الغشّ المخفيّ فعلا وغير المخفيّ شأنا ، يعني : من شأنه أن لا يخفى على المشتري لو لم يتسامح في التفطَّن به ، ولكن قد خفي فعلا بمسامحته . وحينئذ كيف يلغى حكم الغشّ المخفيّ فعلا بواسطة عدم خفائه الشأني ؟ ! * قوله : « فالعبرة في الحرمة بقصد تلبيس الأمر على المشتري » . * أقول : فيه إمكان أن يقال : أمّا في موضوع التلبّس وتحقّق اللبس والاشتباه فلا يعتبر القصد قطعا . وأمّا في حكمه بالحرمة فغاية ما اعتبره حديث الرفع [1] هو العلم والاختيار ، فيكون الخارج عن الحرمة هو صورة الجهل بالتلبيس أو الإكراه والاضطرار ، دون صورة عدم القصد بالتلبيس مع العلم بتحقّقه ، بل ومع القصد به تبعا في ضمن قصد البيع أصالة لا محالة . * قوله : « وفي التفصيل المذكور في رواية الحلبي [2] إشارة إلى هذا المعنى » . * أقول : بل الأظهر كونه إشارة إلى التفصيل بين ما لا يغشّ به كخلط الماء في اللبن بقدر ما يصلحه مخيضا ، وفي العسل بقدر ما يصلحه ويصفّيه من الشمع ، وفي اللحم بقدر ما يصلحه مرقا ، ومنه خليط الذهب والفضّة بقدر ما يصلحه للصياغة ، وبين ما يغشّ به المسلمين كالقدر المفسد والزائد على القدر المصلح ،
[1] الوسائل 11 : 295 ب « 56 » من أبواب جهاد النفس وما يناسبه ح 1 . [2] الوسائل 12 : 421 ب « 9 » من أبواب أحكام العيوب ح 3 .