بعد التلف « إذ لو كانت قبله كانت الدعوى رجوعا في الهبة على التقديرين ، وانتفى أثر الخلاف في البين . وأمّا مرجع الاختلاف ، فلتقديم قول القابض أصالة البراءة ، وعدم الضمان ، واستصحاب عدم تحقّق سببه . ولتقديم قول الدافع أصالة الضمان ، بمعنى عموم : « على اليد » [1] ، وأعرفيّة الدافع بنيّته الراجع إلى قاعدة : « من ملك شيئا ملك الإقرار به » وأصالة الصحّة في فعل المسلم ، الراجع إلى أمارة غلبة الصحّة في فعل المسلم ، وإلحاق الظنّ الشيء بالأعمّ الأغلب . ولكن مجرى الأخير فيما عدا الوجه الأخير . ثمّ إنّ هذه الأصول الثلاثة المقتضية للضمان وإن كانت متراكمة متوافقة في اقتضاء الضمان ، إلَّا أنّ كلَّا منها حاكمة على كلّ ما في طرف القابض من أصالة البراءة وعدم الضمان واستصحاب عدم سببه . أمّا أصالة الصحّة فلكونها من الأمارات الناظرة إلى الواقع ، النازلة منزلة الواقع ، الرافعة لموضوع كلّ الأصول والقواعد . وأمّا قاعدتا اليد وأعرفيّة الناوي بنيّته فلأنّهما قاعدتان مجعولتان في مورد استصحاب العدم ، وهو قرينة معيّنة لحكومتهما على الاستصحاب الحاكم على سائر الأصول ، وحاكم الحاكم حاكم . ولعلّ قوله : « فافهم » إشارة إلى ذلك . * قوله : « ويحتمل العدم ، إذ لا عقد مشترك هنا اختلفا في صحّته وفساده . . إلخ » . * أقول : مجرى أصالة الصحّة في فعل المسلم لا يختصّ بعقوده ، بل يعمّ مطلق أفعاله ونيّاته ، بل وأقواله لو لا الدليل المخرج لقول الفاسق من آية النبإ [2] .