حاكم واحد ، فيوماً يرى إرسال الجيش إلى شرق الدولة مثلا وفي زمان يرى تسييرها إلى غربها ، وفي زمان آخر يطلب من الناس أن لا يسافروا إلى بلاد الكفر مثلا ، وفي وقت يطلب منهم السفر إليها تحصيلا لغرض خاص . فهذه الأحكام طبيعتها عدم الثبات ، بخلاف أحكام المعاملات ونظائرها ، فإن قوانينها وأحكامها ثابتة لا تقبل التغيير . والذي اخترناه في الفقه ، بدلالة تقصِّي بعض الأحاديث المروية عن طريق العترة الطاهرة ، أن الأحكام إذا كانت نبوية صادرة عن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان النص الدال عليها مطلقاً لا يخصها بزمان خاص أو ظرف خاص ، فلا يجوز رفع اليد عنها بالاجتهاد ، وحملها على أنها أحكام حكومية ، فمثلا نصٌّهُ ( صلى الله عليه وآله ) على أن ( مَنْ أَحْيَا أرضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ ) وإن قلنا إن المستفاد منه ليس الحكم بسببية الإحياء للملكية ، وجواز التملك بالإحياء ، بل هو إذن منه في الإحياء والانتفاع من الأرض ، لكن مع ذلك لا يجوز لأحد ممن يلي الأمر بعده رفع هذا الأمر وهذا الإذن ومنع الناس عن إحياء الأرض الموات ، أو جعله مشروطاً بشرط . ولذلك نقم المسلمون فيما نقموا على عثمان أنه آوى الحَكَم بن العاص ورده إلى المدينة ، وأعطاه مأة ألف بعد ما كان منفياً في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفي زمان أبي بكر وعمر ، وقد سألهما إدخاله المدينة فامتنعا عن الإذن له وقال أبو بكر : هيهات هيهات أن أغير شيئاً