السلام ما زال ببركة فتح باب الإجتهاد والبحث الحر في الكتاب والسنة ينمو فقهه ويزداد قوةً وعمقاً وسعة ، وما زال يظهر منهم في كل عصر فقهاء كبار ينتقدون آراء الفقهاء الماضين ، ويصلون بالتعمق في الكتاب والسنة إلى ما لم يصل إليه المتقدمون . والذي يسهل الخطب أنه بفضل جهود جمع من أكابر فقهاء إخواننا السنة ، وإدراكهم عمق الخسارة التي تسبب فيها سد باب الإجتهاد ، قد تزلزل هذا البناء الذي بني لأغراض سياسية ، وسيأتي زمان إن شاء اللّه تعالى لا ترى بفضل جهود المصلحين المخلصين هذا التفرق المذهبي ، ولا يبقى من العلماء المجتهدين من ينسب نفسه إلى الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة أو أحمد ، بل يتبع اجتهاده واستنباطه هو ، لأنه لم تدل آية ولا رواية على أنهم أولى من غيرهم ممن يأتي بعدهم ، وأن اجتهادهم أقوى من اجتهاد مجتهدي عصرنا ، فهم واجتهادهم ونحن واجتهادنا ، والباحث يعرف قصة هذا الحصر في الإجتهاد الذي لم يكن في عصر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ولا في عصر الصحابة ، إلا أن أرباب السياسة خافوا أن يؤدي فتح باب الإجتهاد إلى ظهور شخصيات علمية مرموقة ، فلا يكون لهم بدّ من الخضوع لفقههم وآرائهم وزعامتهم الدينية ، الأمر الذي يتعارض مع سلطتهم الاستبدادية ، وأنظمتهم الكسروية والقيصرية ، لأن العلماء إذا ملكوا القلوب يقومون بواجبهم ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر والظلم والاستبداد والاستعباد .