وإن تركها في غير كلأ وماء فهي للذي أحياها ) . وأما امتناع الرسول ( صلى الله عليه وآله ) عن التسعير فلا يستفاد منه الإطلاق ، وأنه كان ممتنعاً عنه ولو عرض مثل الحنطة وأشباهها ، مما يتقوم به الحياة والمعاش بسعر لا يستطيع أكثر الناس شراءه ، ويقعون بذلك في الحرج والمشقة الشديدة والمجاعة . هذا مضافاً إلى أن أكثر الموارد التي استشهد بها هذا الكاتب وغيره على اجتهاد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وكون حكمه حكماً موسمياً ورأياً رآه دون أن يكون مستمداً من الوحي ، هي موارد دار الأمر فيها بين ارتكاب أحد المحذورين الشرعيين والمتزاحمين ، فرجح ( صلى الله عليه وآله ) ارتكاب المحذور الأخف ، في ضوء إرشادات الشارع وتعاليمه . والحاصل أن هذه الأمور لا تعد من التغيير وليست به ، وهكذا عمل القاضي شريح ، مضافاً إلى أنه ليس بحجة ، فقد بقي قاضياً إلى عصر غلبة بني أُمية ، العصر الذي سلب فيه الناس حرياتهم الإسلامية ، ولم يكن لأحد حق النصيحة لعمال الحكومة وقضاتها ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلاَّ بتعريض ماله ونفسه وخاصته للنهب ، وأنواع التعذيب والقتل ، مضافاً إلى ذلك فإنه يمكن حمل عمل شريح على هذه