أن يصبح غنياً ، أو لإشباع حاجاته الأولية والثانوية من طعام وشراب وكسوة وزواج وصدقة وحج ، على اختلاف التعابير التي وردت فيها . وكلها تستهدف غرضاً واحداً ، وهو تعميم الغنى بمفهومه الإسلامي ، وإيجاد تستهدف غرضاً واحداً ، وهو تعميم الغنى بمفهومه الإسلامي ، وإيجاد التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة . وعلى هذا الضوء نستطيع أن نحدد مفهوم الغنى والفقر عند الإسلام بشكل عام . فالفقير هو من لم يظفر بمستوى من المعيشة ، يمكنه من إشباع حاجاته الضرورية وحاجاته الكمالية ، بالقدر الذي تسمح به حدود الثروة في البلاد . أو هو بتعبير آخر : من يعيش في مستوى تفصله هوة عميق عن المستوى المعيشي للأثرياء في المجتمع الإسلامي . والغني من لا تفصله في مستواه المعيشي هذه الهوة ، ولا يعسر عليه إشباع حاجاته الضرورية والكمالية بالقدر الذي يتناسب مع ثروة البلاد ، ودرجة رقيها المادي ، سواء كان يملك ثروة كبير أم لا . وبهذا نعرف أن الإسلام لم يعط للفقر مفهوماً مطلقاً ، ومضموناً ثابتاً في كل الظروف والأحوال ، فلم يقل مثلاً : ان الفقر هو العجز عن الإشباع البسيط للحاجات الأساسية . وإنما جعل الفقر بمعنى عدم الالتحاق في المعيشة بمستوى معيشة الناس ، كما جاء في النص . وبقدر ما يرتفع مستوى المعيشة يتسع المدلول الواقعي للفقر لأن التخلّف عن مواكبة هذا الارتفاع في مستوى المعيشة يكون فقراً عندئذ . فإذا اعتاد الناس مثلاً على استقلال كل عائلة بدار ، نتيجة لاتساع العمران في البلاد ، أصبح عدم حصول عائلة على دار مستقلة لوناً من الفقر بينما لم يكن فقراً ، حينما لم تكن البلاد قد وصلت إلى هذا المستوى من اليسر والرخاء . وهذه المرونة في مفهوم الفقر ، ترتبط بفكرة التوازن الاجتماعي ، إذ ان الإسلام لو كان قد أعطى - بدلاً عن ذلك - مفهوماً ثابتاً للفقر ، وهو العجز عن الإشباع البسيط للحاجات الأساسية ، وجعل من وظيفة الزكاة . وما إليها علاج هذا المفهوم الثابت للفقر ، لما أمكن العمل لإيجاد التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة عن طريقها ، ولإتسعت الهوة بين مستوى عوائل الزكاة وما إليها ، ومستوى المعيشة العام للأغنياء ،