وكذلك يجوز للانسان أيضاً أن يستأجر عاملاً لخياطة الثوب وغزل الصوف وبيع الكتاب وشراء صفقة تجارية ، فإذا أنجز الأجير المهمة التي كلف بها وجب على من استأجره دفع الأجرة المحددة له [1] . 3 - شرع الإسلام عقد المزارعة كأسلوب لتنظيم شركة معينة بين صاحب الأرض والزارع ، يتعهد بموجبه الزارع بزرع الأرض ويقاسم صاحب الأرض الناتج الذي يسفر عنه العمل . ويحدد نصيب كل منهما بنسبة مئوية من مجموع الناتج . ولنأخذ فكرتنا عن عقد المزارعة من نص للشيخ الطوسي في كتاب الخلاف شرح فيه مفهوم المزارعة ، وحدودها المشروعة ، إذ كتب يقول : ( يجوز أن يعطي - صاحب - الأرض - الأرض غيره ببعض ما يخرج منها ، بأن يكون منه الأرض والبذر ، ومن المتقبل [2] القيام بها بالزراعة والسقي ومراعاتها ) [3] . ففي هذا الضوء نعرف أن عقد المزارع شركة بين عنصرين : أحدهما العمل من العامل الزارع ، والآخر : الأرض والبذر من صاحب الأرض . وعلى أساس هذا التحديد الذي كتبه الشيخ الطوسي ، يصبح من غير المشروع إنجاز عقد المزارعة بمجرد تقديم صاحب الأرض لأرضه وتكليف العامل بالعمل والبذر معاً ، لأن مساهمة صاحب الأرض بالبذر أخذت شرطاً أساسياً لعقد المزارعة في النص السابق ، وإذا تم ما يقرره هذا النص بشأن البذر ، فعلى ضوئه يمكننا أن نفهم ما جاء عن النبي ( ص ) من النهي عن المخابرة [4] ، لأن المخابرة هي نوع من المزارعة يكلف فيه صاحب الأرض بتسليم الأرض دون البذر . وهكذا نعرف من حدود النص الذي كتبه الشيخ الطوسي : أن تعهد صاحب الأرض بدفع البذر للعامل يعتبر عنصراً أساسياً في عقد المزارعة ، ولا يصح العقد بدون ذلك [5] .
[1] لاحظ جواهر الكلام ج 27 ص 213 ، ومستمسك العروة ج 11 ص 127 . [2] المتقبل ، هو العامل الذي يستخدم أرض غيره . من المؤلف [3] الخلاف ج 3 ، ص 476 . [4] لاحظ سنن أبي داود ج 5 ، ص 65 ، الحديث 3262 . [5] لاحظ المبسوط ج 3 ، ص 253 .