ومن الواضح ، أن هذه الأبعاد للملكية محدودة وضيقة إلى حد كبير وتسمح لأي فرد أخر أن يمارس عمليات الحفر ، في موضع آخر من نفس ذلك المعدن ، ولو كان يمتص في الحقيقة في نفس الينابيع والجذور ، التي يمتصها المكتشف الأول ، لأن الأول لا يملك العروق والينابيع . وهذا التحديد في ملكية المعدن الباطن ، لدى القائلين بها ، واضح في عدة نصوص فقهية . فقد قال العلامة الحلي في القواعد : ( ( ولو حفر فبلغ المعدن ، لم يكن له منع غيره من الحفر من ناحية أخرى . فإذا وصل - الغير - إلى العرق ، لم يكن له - أي للحافر الأول - منعه ، لأنه يملك المكان الذي حفره وحريمه ) ) ( 1 ) . وقال في التذكرة - وهو يحدد نطاق الملكية - : ( ( وإذا اتسع الحفر ، ولم يوجد النيل إلا في الوسط ، أو بعض الأطراف ، لم يقتصر الملك على محل النيل ، بل كما يملك ما حواليه ، ما يليق بحريمه ، وهو قدر ما تقف الأعوان والدواب . ومن جواز ذلك الحفر - أي من حفر في موضع آخر - لم يمنع ، وإن وصل إلى العرق ، سواء قلنا أن المعدن يملك بحفره أو لم نقل . لأنه لو كان يملك ، فإنما يملك المكان الذي حفره ، وأما العرق الذي في الأرض فلا يملكه بذلك ) ) ( 2 ) . وهذه النصوص تحدد الملكية ، ضمن حدود الحفرة وما حواليها ، بالقدر الذي يتيح ممارسة استخراج المادة منها . ولا تعترف بامتدادها ، عمودياً وأفقياً ، أكثر من ذلك . ونحن إذا جمعنا إلى هذه التحديد ، الذي يقرره القائلون بملكية المعدن من الفقهاء مبدأ عدم جواز التعطيل ، الذي يمنع الأفراد الممارسين للحفر وعملية الكشف ، من تجميد المعدن وتعطيله ، ويحكم بانتزاعه منهم إذا هجروه وعطلوه . إذا جمعنا بين كل هذه التحفظات ، وجدنا القول بالملكية ، الذي يسمح للفرد بتملك المعدن ضمن تلك الحدود ، في قوة إنكار الملكية الخاصة للمناجم ، من ناحية النتائج
د الاحكام ج 1 ص 222 . ( 2 ) تذكرة ج 2 كتاب احياء الموات الفصل الأول المطلب الثاني ، المسألة الرابعة .