وزيت السمسم . . وبالرغم من هذا المستوى التجاري والإنتاجي الذي لم تصل اليه مكة ، ظلت الأنباط في علاقاتها الاجتماعية كما هي ، تنتظر دور مكة الرباني في تطوير التاريخ . وهذه الحيرة التي شهدت على عهد المناذرة رقياً كبيراً في الصناعة والتجارة . فقد ازدهرت فيها صناعة الأنسجة والأسلحة والخزف وأواني الفخار والنقوش ، واستطاع المناذرة أن يمدوا نفوذهم التجاري إلى أواسط وجنوب وغربي الجزيرة العربية ، وكانوا يرسلون قوافل تجارية إلى الأسواق الرئيسية ، وهي تحمل منتوجات بلادهم . والحضارة التدمرية التي استمرت عدة قرون ، وازدهرت في ظلها التجارة وقامت علاقاتها التجارة بمختلف دول العالم ، كالصين والهند وبابل والمدن الفينيقية وبلاد الجزيرة . والحضارات التي احتفل بها تاريخ اليمن منذ أقدم العهود . . إن دراسة تلك الحضارات والمدنيات وظروفها التجارية والاقتصادية ؛ ومقارنتها بمكة في واقعها الحضاري والمدني قبل الإسلام ، يبرهن على أن الانقلاب الإسلامي في العلاقات الاجتماعية والحياة الفكرية ، لم يكن مسألة بما فيها علاقات التوزيع منفصلة عن شكل الإنتاج والوضع الاقتصادي للقوى المنتجة . أفليس من حق الإسلام بعد هذا كله ، أن يزيف بكل اطمئنان وثقة تلك الحتمية التاريخية ، التي تربط كل أسلوب من أساليب التوزيع بأسلوب من أساليب الإنتاج ، ويعلن بالدليل المادي المحسوس : أن النظام يقوم على أسس فكرية وروحية ، وليس على الطريقة المادية في كسب حاجات الحياة ؟ ! .