وهكذا ، ندرك الدور الإيجابي الفعال للإسلام ، في تغيير مجرى الحياة الاقتصادية وقوانينها الطبيعية ، بتغيير الإنسان نفسه وخلق شروط روحية وفكرية جديدة له . وكذلك نعرف مدى الخطأ في إخضاع مجتمع ، يتمتع بهذه الخصائص والمقومات ، لنفس القوانين التي يخضع لها مجتمع رأسمالي ، زاخر بالأنانية والمفاهيم المادية . ويمكننا أن نأخذ على سبيل المثال أيضاً ، قوانين توزيع وقوانين العرض والطلب . فقوانين توزيع الدخل في الاقتصاد الرأسمالي كما يشرحها ( ريكاردو ) وغيره من الأقطاب الكلاسيكيين تقضي : بتخصيص جزء منه أجراً للعامل ، يحدد وفقاً لقيمة المواد الغذائية ، القادرة على إعاشة العامل الاقتصاد الرأسمالي من ذلك : أن للأجور قانوناً حديدياً ، لا يمكن بموجبه أن تزيد وتنقض وإن زادت أو انخفضت كمية النقد التي يتسلم بها العامل أجره ، تبعاً لارتفاع قيمة المواد الغذائية وهبوطها . ويتلخص هذا القانون الحديدي : في أن العمال إذا ازدادت أجورهم لسبب ما ، فسوف تتحسن العاملة ، ويتضاعف العرض ، وتنخفض الأجور إلى الحد الطبيعي . وإذا حدث العكس ، فهبط الأجر عن مستواه الطبيعي ، أدى ذلك إلى انتشار البؤس والمرض في صفوف العمال ، فيقل عددهم وتنخفض كمية العرض ، فترتفع الأجور . يتقدم الينا بهذا الاقتصادية الكلاسيكيون ، بوصفه تفسيراً علمياً للواقع ، وقانوناً طبيعياً للحياة الاقتصادية ، وهو في الحقيقة لا ينطبق إلا ضمن حدود خاصة ، وفي مجتمعات رأسمالية لا يوجد فيها ضمان اجتماعي عام ، ويعتمد التسعير فيها على جهاز السوق ، ويجرد عن وظيفته في تحديد الأسعار تبعاً لنسبة العرض إلى الطلب ، كالمجتمع الاشتراكي . . فلا تتحكم فيه تلك القوانين ، بالشكل الذي تعمل به في المجتمع الرأسمالي . وهكذا يتضح أن الهيكل العلمي العام للاقتصاد الرأسمالي ، ذو إطار مذهبي ، خاص ، وليس له قدسية القوانين العلمية المطلقة .