والأطفال ، دون حاجة إلى خبرة سابقة . وبهذا يستبدل العمال الماهرون بغيرهم ، بأجور أرخص ، وتهبط قدرة العمل المساومة في الأجور ، وبالتالي يزداد البؤس ويتفاقم يوماً بعد يوم . وحينما وجد الماركسيون - بعد ماركس : ان البؤس في المجتمعات الرأسمالية والأوروبية والأمريكية ، لا ينمو ولا يشتد وفقاً لقانون ماركس ، اضطروا إلى تأويل القانون ، فزعموا : أن البؤس النسبي في تزايد ، وإن كانت حالة العمال إذا أخذت بصورة منعزلة عن حالة الرأسماليين . . . تتحسن على مر الزمن ، بسبب شتى المؤثرات والعوامل ، وفي هذا نجد مثالاً من عدة أمثلة ، بيّناها خلال دراستنا لخلط الماركسية ، بين قوانين الإقتصاد والحقائق الاجتماعية ، والدمج بينما بطريقة تؤدي إلى نتائج خاطئة ، بسبب إصرار الماركسية على تفسر المجتمع كله في ضوء الظواهر الاقتصادية . ولنفترض مثلاً : أن الحالة النسبية للعمال تتردى على مر الزمن - أي حالتهم بالنسبة إلى الرأسماليين - ولكنها من ناحية أخرى - بما هي حالية منظوراً إليها بصورة مستقلة - تتحسن وتزداد رخاء وسعة . . فمن حق الماركسية - إذ صح هذا - أن تعبر عن هذا الظاهرة تعبيراً اقتصادياً محدداً ، ولكن ليس من حقها أن تعبر عنها تعبيراً اجتماعياً فتعلن عن ضرورة تزايد البؤس في المجتمع . فإن تردي الحالة النسبة لا يعني بؤساً ، ما دامت تتحسن بصورة مستقلة . وإنما اضطرت الماركسية إلى هذا التعبير بالذات ، لتصل عن طريق ذلك إلى استكشاف القوة الحتمية الدافعة إلى الثورة ، وهي البؤس المتعاظم باستمرار . ولم تكن الماركسية لتصل إلى هذا الكشف ، لو لم تستعر للظواهر الاقتصادية أسماء اجتماعية ، ولو لم تطلق على حالة التردي النسبي اسم : البؤس : وأخيراً ، فما هي أسباب الحاجة والفاقة ، التي كان يجدها ماركس مخيمة على المجتمع الرأسمالي . إن الحاجة والفاقة وألوان الفقر والتسكع ، لم تنشأ عن السماح بالملكية الخاصة لوسيلة الإنتاج ، وإنما نشأت عن الإطار الرأسمالي لهذه الملكية ، عن اكتساح هذه