كل الأساليب الممكنة ، لأخذ البيعة لابنه يزيد ، الأمر الذي عبّر في وقته عن تحوّل حاسم ، في المجرى السياسي العام . فهل كان التاريخ سيتم بنفس الصورة التي وجدت فعلاً ، لو لم يكن نابليون رجلاً عسكرياً حديدياً ، ولم يكن لويس ذائباً مستسلماً لمحظياته ، ولم يعشق هنري ( آن بولين ) ، ولم تسيطر عاطفة خاصة على معاوية بن أبي سفيان . وليس أحد يدري ماذا كان يحدث ؟ لو لم تسمح الشروط الطبيعية للوباء باكتساح أرجاء الإمبراطورية الرومانية ، وامتصاص مئات الآلاف من سكانها مما ساعد على انهيارها وتغير الوجه التاريخي العام . ولا يدري أحد أيضاً أي اتجاه كان يتجه التاريخ القديم ، لو أن جندياً مقدونياً لم ينقذ حياة الإسكندر ، في اللحظة المناسبة ، فيقطع اليد التي أهوت عليه بالسيف من خلفه ، وهو في طريقه إلى فتح عسكري خطير ، امتدت آثاره عبر الأجيال والقرون . وإذا كانت تلك الصفات من الصلابة ، والميوعة ، والغرام ، والعاطفة ، ذات تأثير في التاريخ ، ومجرى الحوادث الاجتماعية ، فهل من الممكن أن نفسر هذه الصفات ، على أساس القوى المنتجة والأوضاع الاقتصادية ، لننتهي مرة أخرى إلى العامل الاقتصادي ، الذي تؤمن به الماركسية ؟ ! . الحقيقة ان أحداً لا يشك ، في أن هذه الصفات لا يمكن تفسيرها على أساس العامل الاقتصادي ، وقوى الإنتاج ، فإن الوسائل المنتجة والظروف الاقتصادية ليست هي التي كوّنت المزاج الخاص ، للملك لويس الخامس عشر مثلاً ، بل كان من الممكن - لو ساعدت الشروط الطبيعية والسيكولوجية - أن يكون لويس الخامس عشر ، شخصاً صلباً قوي الإرادة ، نظير الخصائص الفيزيائية والفيزيولوجية والنفسية ، التي يتكون منها وجوده الخاص ، وشخصيته المتميزة . وقد تبتدر الماركسية هنا ، قائلة : أليست العلاقات الاجتماعية ، التي أنشأها العامل الاقتصادي في المجتمع الفرنسي ، هي التي سمحت للملك لويس أن يؤثر على